تعريف الكرامة :
تعرف الكرامة عند أهل السنة بأنها : أمر خارق للعادة يجريه الله ويظهره على يد بعض عباده الصالحين ممن جمع صحة الاعتقاد و العمل ولا يقترن معه دعوى النبوة أو التحدي .
موقف أهل السنة من الاعتقاد بالكرامات
اعتقاد وجود كرامات لأولياء الله أمر ثابت حسب عقيدة أهل السنة والجماعة ، وإنكار وجود هذه الكرامات يعد من اعتقاد بعض الفرق المبتدعة .
لأن ثبوت الكرامة دل عليه القران والسنة وإجماع السلف والواقع :
-فمن القرآن :
1. قصة أهل الكهف وما حصل مع أولئك الفتية الذين هداهم الله إلى التوحيد فخالفوا قومهم وأعلنوا براءتهم منهم ، ثم اعتزلوهم في كهف لجؤوا إليه ، فكان من كرامة الله لهولاء الفتية أن أنامهم 309 سنة ثم أحياهم ، ولم تأكل الأرض أجسادهم ، بل كان يقلبهم سبحانه ذات اليمين وذات الشمال وأعينهم مفتحة فلا يقترب أحد منهم ، إلى آخر ما حصل معهم في قصتهم ، فهذه كرامة لهولاء الفتية ولا شك .
- ومن الكرامات التي أخبرنا عنها القرآن قصة مريم عليها السلام ، فهي ليست نبية حتى يقال إن ما حصل لها معجزة ، فكان من كرامة الله لها أنه كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ، فكان الله يرزقها وينزل لها الطعام من عنده .
- أما من السنة فالقصص الواردة في هذا الباب كثيرة ومنها :
1. قصة النفر الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار ، فلم يجدوا إلا الدعاء إلى الله سبحانه بصالح أعمالهم والتوسل إليه بذلك ، فلما توسلوا إليه بذلك فرج الله عنهم وانزاحت الصخرة ، والقصة مشهورة متفق عليها .
2.قصة الرجل الذي سقت السحابة أرضه فقط من دون باقي الأراضي وسُمِعُ اسمه في السحابة يخص بالسقيا ، لأنه كان يتصدق بثلث أرضه ، وينفق ثلثه على أهله ، ويجعل الباقي في الأرض نفسها .
3.قصة العابد جريج الذي أنطق الله له الغلام الصغير
4. قصة غلام الأخدود الذي كان سبباً في إسلام قريته بأكملها كيف نجاه الله من الكفار مرتين .
وغيرها كثير من القصص والشواهد على وقع الكرامة لبعض الصالحين و كلها مذكورة في كتب الحديث بأسانيد صحيحة .
-أما من حال الصحابة فهي متعددة أيضاً منها :
- سير الصحابة على البحر دون أن يبتل لهم حافر حصان كما جرى مع جيش العلاء بن الحضرمي في فتح البحرين .
- ما جرى لعمر مع جيش سارية لما ناداهم " يا سارية الجبل الجبل " ، فسمعوا صوته وهو في المدينة وهم في بلاد فارس .
- إجابة دعاء بعضهم كسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد على من ظلمهم .
- رزق خبيب رضي الله عنه وهو في حبسه بمكة عنباً ولم يكن بمكة كلها وقتها عنب .
ومن قرأ في سيرة السلف وجد شواهد لا تحصى على ذلك .
وأجمع العلماء على وقوع الكرامة لبعض الصالحين ، قال ابن تيمية رحمه الله :
" ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء ، وما يحي الله على أيديهم من خوارق العادات ، في أنواع العلوم والمكاشفات ، وأنواع القدرة والتأثيرات . والمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها . وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة . وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة " .
طبيعة الكرامة:
انقسم العلماء إلى قسمين فيما يجوز أن يكون كرامة للولي :
- فبعضهم قال : كل ما جاز ان يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي ، ولكن لا يترافق معه دعوى النبوة .
- وبعضهم قال : الكرامة تكون خارقة للعادة نعم ولكنها لا تبلغ مبلغ المعجزات ، كإخراج الحي من الجماد كما أخرج الله ناقة صالح من الصخرة ، فخرقها للعادة أقل من خرق المعجزة ، وظهور المعجزة والتحدي فيها أعظم وأكبر .
وهذا القول هو الأرجح إن شاء الله ، مع إضافة : وهو أن النبي يكون له معجزة كبرى يتحدى بها قومه كناقة صالح ، فهذه لا تبلغها كرامة الولي ، وقد يجري للنبي معجزات صغرى كتكثير الطعام ونبع الماء من يده كما حصل لنبينا عليه السلام فهذه قد تبلغها كرامة الولي.
والكرامة على كل حال ليس المقصود منها الإشهار وإعلان الولي بها والتفاخر والتباهي ، بل هي إن كانت شخصية غير ظاهرة فالأًصل أن يحمد الله عليها ويبقيها سراً مع الله ، وإن كانت ظاهرة للناس فيحرص على شكرها ونسبتها إلى الله تعالى وحده وعدم رؤية فضل له في ذلك .
الفرق بين الكرامة الربانية والخوارق الشيطانية :
وعلى المسلم الانتباه مما يسميه العلماء الخوارق الشيطانية التي يساعد الشياطين فيها بعض أوليائهم ليتوصلوا بذلك إلى خداع الناس وإضلالهم ، فليس كل ما عده الناس خارق هو كرامة لولي ، بل قد يكون ذلك غواية وإضلالاً من الشياطين ، وكثيراً ما ينخدع الناس بهذا النوع فيرفعون صاحبه منزلة رفيعة وهو في الواقع من أولياء الشياطين .
فعليك قبل أن تغتر بكرامة أو صاحبها أن تنظر إلى أمرين :
1. حال صاحبها : وهل هو مستقيم الحال فعلاً صاحب اعتقاد صحيح وعبادة وتقوى وإخلاص ، وهل صاحب ظهور الكرامة كلاماً منكراً منه .
2. نوع الكرامة : هل تتوافق مع شرع الله ومع ما عهد من كرامات الصالحين ، أم هي من جنس فعل الشياطين وخداعهم .
والله أعلم