صدت قبيلة زهران بقيادة القائد بخروش بن علاس الاتراك 4 مرات في معارك متفرقة كانت نتيجتها كلها انتصارات على الغزاة الاتراك , وساعدهم في ذلك طبوغرافيا جبال السروات التي امتازت بمداخلها العسيرة جداً على تحقيق انتصاراتهم العظيمة تلك, حيث أبدت قبيلة زهران شجاعة واضحة في دحر وصد موجات المد العثماني خلال القرن 13 الهجري , وارتبط ذلك بالقائد الزهراني الذي امتاز أنه فذ قوي بخروش بن علاس, في وادي قريش من قرية العُدية ببلدة الحسن, والذي صار أميراً على قبيلته قريش وعلى كافة قبائل زهران, حتى انتهى حكمه في ثلاثينات القرن الثاني عشر الهجري .
وخلال الصدامات والمشاحنات بين قبائل زهران والجيوش التركية, حيث قتل الزهرانيون بقيادة الأمير بخروش أعداداً عظيمة من الاتراك , وفي الواقع كانت قبائل زهران مع كل القبائل المجاورة لها يخضعون لحكم الأشراف في مكة , لكن القائد بخروش اختلف معهم , وكان سبب الخلاف انه كان يتواصل مع أحد أبناء الشيخ محمد بن عبدالوهاب , الامر الذي كان سبباً في أن يتأثر بخروش بالدعوة السلفية , وبالتالي فقد قام بهدم الاضرحة والقباب في المنطقة التي كا يحكمها والتي كانت على قبور الصالحين , مثل قبة الصحابي أبو هريرة , وقبة الرفاعي وغيرها الكثير . وأدى فعل بخروش هذا إلى غضب الاشراف , الذين حقدوا عليه لأنه لم يستشرهم , وسأذكر لك تفاصيل من المعركة الأولى بين زهران والأتراك:
في تلك الفترة كانت لمحمد علي باشا أطماع في بلاد الحجاز , فاستعداه الاشراف على ( القائد بخروش ) حيث أوعز الباشا لقاعدته في القوز بالقنفذة , وقام بتكليفها بإحضاره بالقوة , حيث أرسلوا له قوة من 20 ألف مقاتل , وبسلاح لم يكن متوفراً عند أهل المنطقة , كانت المعركة في عقبة ذي منعه .
وعندما سمع بخروش بهذا استنفر قبيلة زهران , فتوافدوا على العقبة وقاموا بوضع الصخور الضخمة في قمتها الشاهقة , وقام باستدراج خصومه العثمانيين بطريقة ماكرة , فتركهم يصعدون العقبة بالسلاح الذي كان محمولاً على الحمير والبغال والجمال , وأمر جيشه أن يتركوهم حتى ينتظم عقدهم في العقبة , ثم يقوم بسد المنافذ عليه , ويحاصرهم ويقوم بإبادتهم بخطته الحربية الماكرة .
كان لبخروش عيوناً بثَّها وسط الجيش التركي , حيث كانت مهمتهم الظاهرية بيع السمن والعسل والتمر والزبيب واللوز للأتراك , في حين كانت وظيفتهم الحقيقية هي غسل أدمغة الاتراك عن تقديم المعلومات المضللة لهم لتساهم في انكسارهم .وبالفعل بدؤوا بخداع الجيش التركي, وكان منهم من يفهم اللغة العربية ( شاميون –مصريون - والمغاربة ), قالوا لهم : إن هذه الجبال مسكونة بالجن , وأنه يمكن أن تتساقط عليهم الصخور الضخمة , فإن حصل ذلك وتساقطت فلا تقابلوها بوجوهكم , بل ارموا سلاحكم فوراً واهربوا دون التفات , فإن هذه هي الطريقة الوحيدة للإفلات من الموت . ونجحت خطتهم هذه تماما , فأمطر جيش بخروش الجيش التركي المعلق بمطر كثيف من الرصاص , ثم قاموا بدحرجة الصخور الضخمة عليهم فحصدتهم حصداً , وأثارت الرعب في انفسهم وهم يزدادون قناعة بأنها صخور مرتبطة بالجن , فهربوا عنها وألقوا سلاحهم ورائهم , حتى هزموا شرّ هزيمة وانكسروا , وغنم القائد بخروش ورجاله منهم الكثير من السلائح .