ما تفسير الآية 74 من سورة البقرة "وإن من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء و ان منها لما يهبط من خشية الله" ولأي اسم يعود كل من "منه"و"منها"؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٠ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 قال الله تعالى (  ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سورة البقرة آية رقم 74
- فبعد أن طلب بني إسرائيل من موسى عليه الصلاة والسلام أن يذبحوا بقرة وذبحوها وضربوا المتوفى أمامهم بها فأحياه الله تعالى، واعترف بمن قتله ، فهذه آية عظيمة حصلت أمامهم ومع ذلك لم يؤمنوا بالله تعالى وبرسوله موسى عليه السلام بل ازدادوا كفراً وإزادت قلوبهم قساوة وعناداً  فنزلت هذه الآية توبيخا لبني إإسرائيل،وتقريعا لهم على ما شاهدوه من آيات الله تعالى ، وإحيائه الموتى!!

- فمن خلال هذه الآية الكريمة يبن لنا الله تعالى بأن قلوب بني إسرائيل هي التي قست وليست أرواحهم: وذلك لأن القلب هو العضو الذي يمتاز بالعطف والرقة والرحمة واللين  خصوصا إذا كان القلب متعلق بالذكر فإنه يمتلئ عطفا ورحمة .. والقلب هو العضو الذي يتحكم بمشاعر وحياة الإنسان.
- وبما أن القلب هو  مصب الإيمان ويكنز الإيمان فيه ، فإن القسوة والكفر في يكنزان كذلك في القلب .
- فإذا نسي القلب ذكر الله تعالى أصبح قاسيا متجرد من الرحمة لأنه انشغل بأمور الدنيا والشهوات فيرشده إلى الطغيان والظلم ولا يبالي للحياة الأخرى - لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( إن القلوب لتصدى وأن جلائها ذكر الله تعالى)
- وفي الاية الكريمة يشبه الله تعالى قلوبهم بانها أشد قسوة من الحجارة فقد أصبحت صلبة قاسية لقوله تعالى  {فَهِيَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ولأن الحجارة هي الشيء القاسي الذي نعلمه وندركه وتكون مألوفة للجميع، ولأن بني إسرائيل كانت لهم مع الحجارة قصة وشيء عظيم! فعندما تاهوا في الصحراء.. وعندما عطشوا كان موسى عليه الصلاة والسلام يضرب الحجارة بعصاه. فتلين تلك الحجارة وتتفجر ويخرج منها الماء. 

- فيذكرهم الله تبارك وتعالى بأن الرحمة واللين قد أصابت الحجارة عندما ضرب موسى بها بعصاته وانفجرت العيون،  ولكن قلوبكم لم يصبها اللين ولا الرحمة فقست بشدة فبذلك ينبغي لقلوبهم أن تكون رقيقة ولينة حتى وإن كانت في قساوة الحجارة.
 
- لكن قلوبهم قد تجاوزت القسوة وأصبحت أشد بكثير من الحجارة والتي متعارف على أن الحجارة هي أقسى شيء لا يستطيع الإنسان كسرها بسهولة.
 
- وهناك بعض العلماء من قال بأن الذين قست قلوبهم هم ورثة القتيل لأنهم لم يصدقوا المعجزة التي أنزلها الله تعالى عليهم حينما أمر بني إسرائيل بأن يضربوا البقرة المذبوحة بالقتيل فأحياه الله تعالى بقدرة منه وتكلم القتيل وأخبرهم بمن قتله ثم مات فيما بعد.

- وعندما قال الله تعالى: (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) أي هنا عندما تتفجر الحجارة سيخرج منها الماء. فيذهبون إلى مكان الماء الذي انفجر منه الماء ليأخذوا حاجتهم منها .

- ولكن عندما تتفجر منها الأنهار فإن الماء بقدرة الله تعالى هو الذي يجري  إلينا ونحن في بيوتنا وأماكننا.
- وهنا فرق بين عطاء يأتي إليك ، وبين عطاء تذهب إليه بنفسك!!!
- وأما الحجارة التي تهبط من خشية الله فإنه ينزل من أعلى الجبل إلى اسفله فذلك حدث عندما تجلى الله للجبل فجعله دكا!! لقوله تعالى : {فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً}..سورة الأعراف : رقم143 
- وعن مجاهد أنه كان يقول : كل حجر يتفجر منه الماء ، أو يتشقق عن ماء ، أو يتردى من رأس جبل ، لمن خشية الله ، نزل بذلك القرآن .