ما الفرق بين حديث(لا يزني الزاني وهو مؤمن) وبين حديث(وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٦ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 في مثل هذه النصوص المتشابهة أو المتداخلة فيما بينها لا يأخذ المسلم منها نصاً واحداً ويفسره كما يريد، بل لا بد من الجمع بين هذه النصوص حتى يتبيّن الحكم الشرعي الصحيح والذي يجب على المسلم أن يفهمه ويلتزم به.

- ومن أجل ذلك فقد انحرف بسبب عدم فهم بعض هذه النصوص عدة طوائف كالمرجئة الذين يقولون (لا يضر مع الإيمان ذنب) ويستدلون بحديث أبي ذر (وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر)

- كما أن فرقة الوعيدية من الخوارج والمعتزلة يقولون: (إن مرتكب الكبيرة كافر).

- بينما المعتزلة يقولون هو في منزلة بين المنزلتين يقولون هم والخوارج أنه مخلد في النار، مستدلين بحديث (يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).

- بينما أهل السنة والجماعة قاموا بالجمع بين النصوص السابقة فقالوا:

إن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه وفاسق بفعله وكبيرته هذا في الدنيا، أما في الآخرة فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء الله عذبه.

- وإن دخل مرتكب الكبيرة النار فلا يخلد فيها ما دام أنه مسلم ومات على التوحيد، فيعذب في النار على قدر ذنوبه وكبائره ثم يخرج منها برحمة الله تعالى ويدخل الجنة.

- وهذا ما يفسر حديث أبي ذر (وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر) أي أن أهل الكبائر قد يحصل منهم السرقة والزنى ولكنهم في آخر الأمر يعفو الله تعالى عنهم، بعد دخولهم النار وعذابهم بها.

- وأما حديث(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) فالمقصود به هو كمال الإيمان - أي عند انشغال الزاني بالزنى تنتفي صفة الإيمان عنه ويكون إيمانه ناقص - فالمراد بالنفي في قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزني) هو كمال الإيمان - أي لا يزني وهو كامل الإيمان- وليس المعنى أنه بحصول الزنى أنه يكفر ويخرج من دائرة الإيمان.

- وفي هذا يقول الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله... كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة.

- وقد أجمع جمهور العلماء على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبيرة كانوا في المشيئة، إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة.

- ولا شك أن الزنا من كبائر الذنوب فهو من السبع الموبقات والمهلكات، لكن من تاب تاب الله تعالى عليه، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) سورة الفرقان (68-70)
- وقال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة الزمر (53)

- فمن تاب وحقق شروط التوبة فإن الله يتوب عليه وشروط التوبة هي:
1- النية الصادقة والخالصة لوجه الله في التوبة.
2- الإقلاع عن الذنب فوراً.
3- الندم على فعل المعصية.
4- العزم الأكيد على عدم الرجوع للمعصية مستقبلاً.
5- رد المظالم إلى أهلها إن وجدت - وفي هذه الحالة عليه أن يطلب المسامحة ممن افترى عليهم بكلام ليس فيهم.
6- أن تكون التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها.
7- العمل الصالح الذي يدل على صدق التوبة.