1- إذا ورد قوله تعالى ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) : يكون الكلام عن الجنة أكثر.
ومثال ذلك قوله تعالى :
﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا لَهُم فيها أَزواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدخِلُهُم ظِلًّا ظَليلًا﴾ سورة النساء: ٥٧ .
- أما إذا ورد قوله تعالى (تجري من تحتهم الأنهار): يكون الكلام عن سكان الجنة أكثر.
ومثال ذلك قوله تعالى :
﴿وَنَزَعنا ما في صُدورِهِم مِن غِلٍّ تَجري مِن تَحتِهِمُ الأَنهارُ وَقالُوا الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّهُ لَقَد جاءَت رُسُلُ رَبِّنا بِالحَقِّ وَنودوا أَن تِلكُمُ الجَنَّةُ أورِثتُموها بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ سورة الأعراف: ٤٣.
2- وقد ورد قوله تعالى ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) ثلاثين مرة في القرآن الكريم
- أما قوله تعالى: ( تجري من تحتهم ) فقد وردت مرتين في السورتين التاليتين:
(سورة يونس آية رقم 9 / وسورة الكهف آية رقم 31 ) .
- أما قوله تعالى (تجري تحتها الأنهار) بدون من : فقد وردت مرة واحدة في سورة التوبة (براءة) آية رقم 100.
3- والقرآن يؤكد لنا أن الجنة مليئة بالبساتين والأشجار والثمار وأن الأنهار التي تجري تحتها هي مجاري الماء الواسعة، وقيل المياه الجارية بها، وهذه الأنهار تجري من تحت مساكنها وأشجارها.
4- وأنهار الجنة تحتوي على أربعة أنواع من المشروبات المحببة للإنسان وهي :
1- الماء غير الآسن - غير متغير الريح والذي لا تمسه الأيدي.
2- اللبن الذي لم يتغير طعمه .
3- العسل المصفى.
4- الخمر - لذة للشاربين غير مسكر كخمر الدنيا ولم تؤذيها الشمس ولم ينفخ فيها الشيطان - ومن ذاق خمر الدنيا لا يذق خمر الآخرة ، وقد ذكر الله تعالى هذه الأنهار في آية واحدة حيث قال جل في علاه : ( مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) سورة محمد (15)
5- ولو تأملنا قوله تعالى في الآيات السابقة أنه لم يقل أسفل منهم أو تجري من أسفلهم الأنهار؟ لأن إن لفظ (تحت) يستعمل في المنفصل، بخلاف لفظ ( أسفل ) الذي يستعمل في المتصل، ويقابله لفظ (فوق). تقول : هذا الشيء تحتي، وذاك الشيء فوقي : إذا كانت تفصل بينك، وبينه مسافة، قلَّت، أو كثُرت. فإذا كان ذلك الشيء الذي أنت فوقه وهو تحتك مباشرة، بحيث يكون متصلاً بك ومتصلاً به، تقول : هو من تحتي، وهو من فوقي، فتأتي بـ( مِنْ ) التي تفيد ابتداء الغاية.
- فقوله تعالى :﴿ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ﴾، بدون ( مِنْ )، فإنه يفيد أن الأنهار تجري تحت الجنات، وأنها منفصلة عنها..
- أما قوله تعالى :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ فإنه يدل على أن الأنهار موجودة في الجنات حقيقة، وأنها تجري من تحت أشجارها، وغرفها، ومنازلها، وقصورها مباشرة. وهذا ما دل عليه لفظ ( مِنْ ) الذي يعبَّر به عن ابتداء الغاية. أي : يبدأ جريان الأنهار من هذه الجهة التي هي تحت الجنات. وإلى ذلك الإشارة بقول الله تعالى :﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾(الزمر: 20)، وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾(سورة العنكبوت: 58).