كما هو معروف لدى جميع المسلمين فإن القرآن الكريم مقسّم إلى ثلاثين جزءًا، بدءًا من سورة (الفاتحة) وانتهاء بسورة (الناس)، ولكن يوجد تقسيم آخر للقرآن الكريم، قُسّمت به سور القرآن الكريم إلى أربعة أقسام، السبع الطوال. سور المئين. سور المثاني. سور المفصل.
استدلالًا بما روي عن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ". حديث صحيح
وفي هذا الحديث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أُعْطيتُ مَكانَ التَّوْراةِ السَّبْعَ الطِّوالَ" بمعنى أعطاني الله عوضا عن التوراة وما فيها السبع الطوال والتوراة هي كتاب الله الذي أنزله على موسى عليه السلام، والسبع الطوال المراد بها السبع سور الطوال من القرآن الكريم، من البقرة إلى التوبة، وقيل: المراد: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، وقيل: المراد: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال مع براءة سورة واحدة.
"وأُعْطيتُ مَكانَ الزَّبورِ المِئينَ"، والزَّبورُ هو كِتابُ اللهِ الَّذي أنزَلَهُ على سيّدنا داوودَ عليه السَّلامُ، ويُقصَدُ بالمِئينَ السُّوَرُ الَّتي عَدَدُ آياتِها ما يقارب المِئةِ، مئة أو أقل أو أكثر قليلًا، عدد هذه السور غير محدد على عكس السبع الطوال، قيل أنها تبدأ من سورة الكهف وما يليها، وقيل أنها تبدأ بسورة الإسراء، ولكن هذه الأقوال غير متفق عليها من قبل العلماء.
"وأُعْطيتُ مَكانَ الإنْجيلِ المَثانيَ"، والإنْجيلُ هو كِتابُ اللهِ الَّذي أنزَلَهُ على سيدنا عيسى عليه السَّلامُ، وقيلَ: المَثاني هي السُّوَرُ الَّتي آياتُها مِئةٌ أو أقَلُّ، أو ما عدا السَّبْعَ الطِّوالَ إلى المُفصَّلِ، وقيل سُمِّيَتْ مَثانيَ؛ لأنَّها أثْنَتِ السَّبْعَ، أو لِكَونِها قَصُرَتْ عنِ المِئينَ وزادتْ على المُفصَّلِ.
وقيلَ: المثاني هي فاتحة الكتاب، أي سورة (الفاتحة)، وذلك استدلالًا بما روي عن ابن أبي كعب وأبو هريرة -رضي الله عنهما-: "السبعُ المثاني فاتحةُ الكتاب" حديث صحيح [صحيح الجامع: 3681]. وقيل وسُمِّيَت بذلِكَ؛ لأنَّها سَبعُ آياتٍ، وتُثنَّى في الصَّلاةِ، وتُكرَّرُ قِراءتُها في كُلِّ ركعةٍ، وقيلَ: لأنَّها استُثنِيَت لهذه الأُمَّةِ فلم تَنزِلْ على أحَدٍ قَبلَها ذُخرًا لها.
ثم قال -صلى الله عليه وسلم- "وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ" بمَعْنى زادني اللهُ من فَضلِهِ بأنْ أعْطاني وأنزَلَ عليَّ سُوَرَ المُفصَّلِ، وهي آخر الأقسام الأربعة التي قسمها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف، وقيل سميّت سور المفصّل بهذا الاسم لِكثرة الفصل بينها بِالبسملة، وقيل أنها تبدأ (بالحجرات) إلى آخر القرآن، وقيل أنها تبدأ من سورة (ق) إلى آخر القرآن.
والله تعالى أعلم.