قد يشعل هذا السؤال معركة ظريفة ما بين منتسبي الجامعات الحكومية والخاصة، بسبب انتماء وولاء كل منهم لجامعته. لكن، انتظر قليلًا. سنطرح الإجابة من جانب محايد، وبما هو متعارف عليه عن هذين النوعين من الجامعات محليًّا وعالميًا. فلا يمكن الحكم على الجامعات من الناحية العلمية ومنهجية الدراسة، فلكل جامعة أسلوب وطريقة في التدريس وبناء المحتوى للمواد قد يتفق مضمونًا مع باقي الجامعات، لكن يختلف في طريقة العرض، والتركيز على موضوع ما دون الآخر، وهذا يعتمد على مجلس اعتماد الجامعات في الدولة. كما لا يمكن التأكيد بأن الجامعات الحكومية أفضل من الخاصة في التدريس أو العكس هو الصحيح، فقد تجد في دولة معينة أن جامعاتها الخاصة أفضل كما في الولايات المتحدة الأمريكية مثل جامعة هارفرد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وجامعة يال. بينما الجامعات الحكومية الأفضل في بريطانيا هي جامعات حكومية أمثال كامبريدج وأكسفورد. لذا لا يمكن الحكم على أفضلية الجامعة العلمية من كينونتها ونوعها حكومية كانت أم خاصة.
لنتعرف الآن إلى أهم الفروقات بين كلا النوعين من الجامعات:
1. مصادر التمويل: الفرق المحدد بين الجامعات الحكومية والخاصة هو كيفية تمويلها. فيتم تمويل الجامعات الحكومية بصورة أساسية من قبل حكومات الدول ليكون التعليم فيها مجاني كليًا، أو من قبل الحكومة والرسوم المعتدلة التي يدفعها الطلبة بمختلف البرامج، بينما يتم دعم الجامعات الخاصة بادئ ذي بدء من خلال المؤسسات والشركات التي أسستها والرسوم الدراسية للطلاب. قد تتلقى الجامعات الخاصة أيضًا مساهمات من مانحين فرديين - ربما في مقابل تسمية المباني باسمهم.
2. الرسوم الدراسية: يمكن القول إن أحد أكبر الاختلافات بين الجامعات الحكومية والخاصة هو تكلفة الرسوم. نظرًا لأن المدارس الحكومية يتم تمويلها إلى حد كبير من قبل ميزانية الحكومات في الدول، فيمكنها تحمل رسوم تعليم أقل للطلاب. بمعنى آخر، تغطي الإعانات الحكومية التكاليف المتبقية حتى لا يضطر الطلاب إلى دفع السعر الكامل. بينما تعتمد الجامعات الخاصة على نحو رئيسي على الرسوم الدراسية ، مما يجعل تكلفتها أعلى بكثير. وفي الأردن تكون تكلفة رسوم ساعات البرنامج الموازي مقارب لرسوم نفس ساعات التخصص في الجامعات الخاصة تقريبًا، بينما تكلفة رسوم الساعات المعتمدة للبرنامج الدولي أعلى من البرنامج العادي والموازي في الجامعات الحكومية.
3. عدد التخصصات: عندما يتعلق الأمر بعددالتخصصات، فتميل الجامعات الخاصة - وخاصة كليات الفنون الحرة - إلى تقديم تخصصات أكاديمية أقل من الجامعات الحكومية بسبب الحاجة للاعتمادية من مجلس التعليم العالي، وتقليل تكلفة البناء وتعيين هيئات تدريسية جديدة. تحتوي الجامعات الحكومية عادةً على هيئة طلابية أكبر، وعلى ذلك تقدم المزيد من برامج الدرجات العلمية. مثلًا، جامعة بوردو Purdue University - وهي جامعة حكومية كبيرة مقرها في إنديانا - تقدم تقريبًا في كل مجال درجة يمكنك التفكير فيه، مع أكثر من 200 تخصص.
4. فرص البحث: التمويل الحكومي للجامعات الحكومية هي قدرتها على توفير مجموعة كبيرة من مرافق البحث والمختبرات. غالبًا ما يجد الطلاب الجادون في الاستفادة من موارد جامعاتهم لإجراء بحث أكاديمي أكبر الفرص في الجامعات الحكومية. لا يمكن لمعظم الجامعات الخاصة الصغيرة أن تتطابق مع الجهود البحثية للجامعات الحكومية. على النقيض من ذلك، تميل الجامعات الخاصة إلى امتلاك موارد طلابية ومرافق بحثية أقل. الاستثناء الوحيد لهذا هو جامعات الأبحاث الخاصة، مثل جامعة جونز هوبكنز وجامعة كورنيل في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنفق مليارات الدولارات على البحث والتطوير كل عام.
5. تقديم المساعدة المالية: تقدم كل من الجامعات الحكومية والخاصة مساعدة مالية على شكل منحة مالية للطلبة المتفوقين. إلا أنّ الجامعات الخاصة تقدم في كثير من الأحيان خصومات كبيرة على الرسوم الدراسية بداية السنة الجامعية وقد يصل الخصم في بعضها 50%.، كما أنّ لبعض النقابات والعسكريين والسفراء وأبناء المساهمين والإخوة الأشقاء خصومات بنسب معينة. تقوم الجامعات الخاصة باستقطاب متفوقي الثانوية العامة من خلال خصومات خاصة. بعض الطلبة في الجامعات الحكومية يدرسون انتدابًا من بعض الوزارات مثل أبناء الشهداء ومصابي الحرب، أبناء معلمي التربية والتعليم، ومنتسبي الجيش.
6. الحياة في الحرم الجامعي: عادةً ما تكون الكليات والجامعات الحكومية أكبر حجمًا، مما يساهم في زيادة عدد نوادي الطلاب وأنشطة الحرم الجامعي والمطاعم والملاعب. تميل أيضًا إلى أن يكون لديها مشاهد اجتماعية وحزبية أكبر وأكثر حيوية. توجد عادة الأماكن والأحداث مثل أماكن الاحتفالات والمناظرات والمحاضرات التثقيفية في الحرم الجامعي العام الكبير. هذا لا يعني أن الجامعات الخاصة لا تتمتع بحياة جامعية مزدهرة أو لا يمكن أن تتمتع بها - فهي عادة ما تكون أصغر من حيث الحجم. على هذا النحو، تعد الجامعات الخاصة خيارات أفضل للطلاب الذين يبحثون عن مجتمع أكثر إحكامًا وتماسكًا.
7. تنوع الجسم الطلابي: أصبحت الجامعات الحكومية والخاصة متنوعة بشكل متزايد. الجامعات الخاصة تكون هيئاتها الطلابية أكثر تنوعًا جغرافيًا (سكان الدول المجاورة). وفي الوقت نفسه، تميل الجامعات الحكومية إلى أن تكون أكثر تنوعًا ديموغرافيًا (سكان نفس البلد) ا نظرًا لارتفاع معدلات القبول وتكاليف التعليم الأقل تكلفة.
8. الاعتماد الأكاديمي: يمكن اعتماد الجامعة على المستوى الوطني أو الإقليمي أو لا يتم اعتمادها إطلاقًا. يرتبط الاعتماد الإقليمي، الذي يعتبر المعيار الذهبي للاعتماد، بأعلى المعايير التعليمية. تقريبًا جميع الجامعات الحكومية معتمدة إقليمياً، بينما العديد من الجامعة الخاصة معتمدة وطنياً وبعضها معتمد إقليميًّا.
9. قياسات: الجامعات الحكومية أكبر على وجه العموم من الجامعات الخاصة. يكون عدد الطلاب وحجم الحرم الجامعي وأحجام الفصول أكبر في الجامعات الحكومية. مع وجود عدة آلاف من الطلاب المسجلين فيها، كما أن أحجام الفصول أو القاعات التي يبلغ عددها بضع مئات غالبًا شائعة فيها. الجامعات الحكومية أقل حميمية، حيث يقل احتمال معرفة الأساتذة لجميع أسماء طلابهم بسبب عددهم الكبير. ومع ذلك، من المرجح أن تكون حرم الجامعات الحكومية مجهزة تجهيزًا جيدًا لتلبية احتياجات الطلاب، أكثر من تلك الموجودة في الجامعات الخاصة، وقد تحتوي على مطاعم أو مسارح أو خيارات أخرى، بالإضافة إلى توفر وسائل النقل العامة مثل الحافلات وسيارة الأجرة وغيرها. توجد في الجامعات الخاصة مسارح ومدرجات وملاعب لكن حجمها أضيق من الحكومية. وتتميز بعضها بتوفير حافلات النقل الخاصة التي تنقل الطلبة من محطات معينة للجامعة وبالعكس.
10. الانتقائية: يحدد قبول الطلبة في الجامعة الحكومية ضمن نظام التنافسية مهما كان نوع البرنامج (كما في الأردن: عادي/ موازي/ دولي)، كما أن معدل القبول فيها يكون مرتفع مقارنة بالجامعات الخاصة (في الأردن مثلًا معدل 95% يدخل به الطالب في الجامعة الحكومية في البرنامج التنافسي، بينما معدل الهندسة في الخاصة 80%)، وبالطبع هذا لا يعيب الجامعة الخاصة، فاستقطابها للطلبة ضمن معدلات مقبولة أفضل من سفرهم للخارج، كما أنه لا يحدد مستوى الطالب الخريج لاحقاً، فمعدل الثانوية العامة برأيي ليس مقياسًا دومًا خاصة أن معظم مواد الثانوية العامة تعتمد على الاستذكار.
هذه بعض الفروقات التي تجدها بين الجامعات الحكومية والخاصة، والتي من خلالها قد يقرر الطالب طريقه في الالتحاق بإحداها، مع الأخذ بعين الاعتبار تنوع المنهجيات وطرق التدريس مع وحدة المفاهيم التي تعوّل عليها المواد في التخصص الواحد في كليهما.
المصادر: