الحمد لله فاطر السماوات والأرض له الملك وإليه تُرجعون,وبعد:
لمّا اقتضت الحكمة الإلهية أن تكون مكة مركز النور,ومحجّ المؤمنين, كان بناء البيت ضرورة,ليكون مثابة للناس وأمناً,وإن المشيئة الإلهية هي التي تحرّك نواميس الكون وتصرّفات البشر.
إذاً, الأمر صدر ونبيّ الله إبراهيم عليه السلام ينفّذ دون تردّد, ويترك الخضرة والماء في فلسطين,ويذهب إلى صحراء,لا شجر فيها ولا ماء,وهو يعلم أن الله لن يضيّع أهله.
إبراهيم الذي وَفّى,يعلم أنّ الغرض من وجود أهله هو العبادة,فكان دعاؤه " رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ "
فهو بادء الأمر لم يطلب رزقاًولا ماءً,بل طلب أن يُوَفِّقه الله لعبادته,ثم بعد ذلك دعا لمكّة " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ "
وعندما ذهب إبراهيم عليه السلام,لم يكن قد تحقّق هذا الطلب,لكن ثقته بالله,أنه كافل رزق من يعبده حق عبادته.
والحمد لله رب العالمين.