كلما سمعنا باسم لامع في عالم الشعر العربي يخطر ببالنا هذا السؤال، أي لماذا المتنبي بالذات رغم وجود عدد كبير من الشعراء والأدباء الذين كتبوا الشعر وأخلصوا له في نفس الحقبة التي عاشها فلماذا بقي شعره دون سواه صامدًا وتُردّد أبياته اللامعة على لسان القاصي والداني؟
الشعر هو انعكاس للشاعر، لأفكاره وأحساسيه ونظرته للحياة، وإسقاط واضح لخبراته، كما نعلم فالمتنبي قد عرف بحكمته ونباهته وتميزه وتفرده عن أبناء عصره فقد سبقهم وحاز القرب من سلاطين زمانه بفطنته.
أبو الطيب المتنبي اسمًا وتاريخًا بحسب الويكيبيديا هو "أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي المذحجي وعاش من السنة ٩١٥م وحتى ٩٦٥م" وقيل أنه ادعى النبوة لذلك سمي بالمتنبي لكن هناك أقاويل أخرى تقول أنه لقب بالمتنبي نسبة لكلمة النبوة وتعني الرفعة دلالة على رفعة شأنه في قومه ومن بعده.
وفي ذكر صفات المتنبي التي ميزته عن شعراء كثر، أنه متمكن من اللغة العربية؛ من قواعدها ومعاجمها، استخدم الترادف والطباق والجناس بأفضل ممارسة، فشعره لا يمتاز بدقة النظم وحسب وإنما بحسن اختيار الألفاظ، كان من أكثر الناس اتقانًا للغة العربية وحبًا لها فقد تغنى بها في بيت مشهور "لا تلمني في هواها... أنا لا أهوى سواها" وهذا بدا جليًا في شعره ومن أكثر ما منح شعره تميزًا.
شعر المتنبي يغلب عليه طابع الحكمة وخلاصة الخبرة ففي بيت مشهور له لخص الكثير من أفكار الفلاسفة وهو "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم"
شعر المتنبي امتاز بالاختيال والغرور، ولا نستطيع أن نأتي على ذكر المتنبي دون ذكر بيته المشهور في قصديته لسيف الدولة الحمداني "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي... وأسمعت كلماتي من به صمم" إن ثقة هذا الشاعر بقدرته أضفت لمسة غرور أحبها الناس إلى شعره.
"ومات أثناء عودته إلى بغداد مع ابنه وغلامه، إعترض طريقه أحد قُطاع الطُرق من اللصوص يُدعى “فاتك بن أبي جهل الأسدي” ، ومعه مجموعة من الرجال، وكان منهم الرجال الذي قام المتنبي بهجاءهم من قبل، فعلم المتنبي وقتها إنه ميتاً لا محال، فحاول أن يلذ بالفرار ولكن قال له غلامه :
“أنت الشجاع الذي تعرفه الناس ولا يتحدثون عنه بالهروب”
وقال له غلامه أيضا:
أنت من قلت: “الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ”
بعدها قال له المتنبي: “قتلتني قتلك الله”
فلم يهرب المتنبي وعاد إلى القتال إلى أن تم قتله. فعرف موت المتنبي بأنه قـتل بشعره. وقيل بعد موته: بيت الشعر الذي قتل صاحبه."