ما الذي يقصد بقول (شفاء لا يغادر سقما)

هذا الدعاء ورد عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  (اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشفه وأنت الشافي؛ لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)  رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، والطبراني، وصححه الألباني.

فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( اللهم رب الناس، أذهب البأس ) فهذا التوسل يكون لله تعالى الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور فأنت أيها المريض تقول خلقني الله عز وجل ولا بأس بي ثم قدر على المرض والذي قدر على المريض بعد الصحة قادر على أن يشفيني.

- وقوله: (أذهب البأس) يعني المرض الذي حل بهذا المريض.

- وقوله: (اشف أنت الشافي) والشفاء هو إزالة المرض وبرء المريض فيقال اشف ولا يقال أشف لأن الثانية - أشف - بمعنى أهلك وأما الأولى اشف فمعناها البرء من السقم ولهذا يقال اللهم اشف فلانا ولا تشفه فالكلمتان عند العامة يظن أن معناهما واحد ولكن بينهما هذا الفرق العظيم:
- اشفه أي أبرئه من المرض، أما أشفه أهلكه الشافي هو الله عز وجل لأنه الذي يشفي المرض وما يصنع من الأدوية أو يقرأ من الرقى فما هو إلا سبب قد ينفع وقد لا ينفع فالله هو المسبب عز وجل ولهذا ربما يمرض رجلان بمرض واحد ويداويان بدواء واحد وعلى وصفة واحدة فيموت هذا ويسلم ذاك لأن الأمر كله بيده الله عز وجل فهو الشافعي.

- وما يتم صناعته من أدوية أو يقال من رقى فهو سبب ونحن مأمورون بذلك السبب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تداووا ولا تداووا بالحرام وقال ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء).

- وقوله: (لا شفاء إلا شفاؤك) فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقر ويعترف ويقرر أنه لا شفاء إلا شفاء الله فشفاء الله لا شفاء غيره وشفاء المخلوقين ليس إلا سببا والشافي هو الله فليس الطبيب وليس الدواء هما اللذان يشفيان بل الطبيب سبب والدواء سبب وإنما الشافي هو الله.

-وقوله: (شفاء لا يغادر سقما) يعني شفاء كاملا لا يبقي سقما أي لا يبقي مرضا.
فينبغي للإنسان إذا عاد المريض أن يمسحه بيده اليمنى ويقول هذا الدعاء.

- ويتبين لنا في هذه الرقية أن التوسل إلى الله تعالى بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي المعافي الذي بيده الشفاء التام، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته.

- والأفضل أن يرقي المريض نفسه بهذا الدعاء أو يقوله لغيره إذا كان سليماً.
- وعليه: فإنه إذا عاد بعض أهله أو أصحابه أو جيرانه أو أحداً من المسلمين فمن السنة أن يضع يديه على رأس المريض ويقول: (اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما) ويمسح بيده اليمنى رأس المريض.

- كما أنه هناك بعض الأدعية يمكن أن ندعو بها للمريض منها:
- دعاء: (أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك)  عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرارٍ: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض) أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهم. 
- ودعاء:  بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربّنا.
- كذلك قراءة سورة الفاتحة على المريض بيقين بأن الله تعالى هو الشافي كما ثبت في قصة سيّد الحي الذي قرأ عليه بعض الصحابة سورة الفاتحة وبرءه بإذن الله تعالى .