ما الذي قاله ابن قتيبة عن الشاعر طرفة بن العبد ولماذا ظهر في شعره السفن والبحار

1 إجابات
profile/تماضر-الفنش-1
تماضر الفنش
ماجستير في تكنولوجيا التعليم (٢٠١٥-٢٠١٧)
.
٢٣ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
قال ابن قتيبة عن طرفة بن العبد: "هو أجود الشعراء قصيدة، وله بعدَ المعلقة شعر حسن، وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد إلا القليل"، ولطرفة بن العبد معلقة يقول في مطلعها: "لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ.. تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.. وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم.. يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ"، وقد وظف فيها مجموعة من الصور الشعرية لغرض التشبيه مثل البحار والسفن، فيقول طرفة بن العبد: "كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ"، هنا شبه طرفة بن العبد مراكب محبوبته " حُدوجَ المالِكيَّةِ " التي تعود إلى بني مالك، عند مسيرها في وقت الصباح بالسفن العظيمة " خَلايا سَفينٍ"، فقد اعتقد أن هذه المراكب هي سفن بسبب شدة ولهه وعشقه لمحبوبته خولة، فتاتي هذه الصور الشعرية نتيجة لما فعله الحب بقلبه.

في صورة شعرية بمعلقة طرفة بن العبد يقول: "عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ يَجورُ بِها المَلّاحُ طَورًا وَيَهتَدي"، وفي هذا البيت يكمل الشاعر الصورة الشعرية التي بدأ بها مسبقا، فيشبه هذه السفن بالإبل التي تعود لقبيلة "عدول" أو قبيلة "ابن يامن"، وملاح هذه السفن يقودها مرة بهدوء وخط مستقيم، ومرة يميل عن الطريق.

هنالك بيت يقول فيه: "يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ" يُكمل الشاعر هنا بتشبيه "الملاح والسفينة" كأنه يشق أمواج البحر "يَشُقُّ حَبابَ الماءِ"، وهذه من مهارات الملاح، ويُشبه ذلك "بالتراب الذي يؤخذ على راحة اليد، ويُفتت ويُلعب به المتمرس بذلك"، أي بمعنى أن التراب بظاهر اليد مثل السفينة بقيادة الملاح، وهذا دليل على الشجاعة والقوة.

وردت عدة كلمات في معلقته تدل على السفن والبحار مثل "خلايا" بمعنى "السفينة العظيم"، و"الملاح" أي المسؤول عن قيادة السفينة، "حباب الماء" بمعنى: "أمواجه".

طرفة بن العبد "عمرو" بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. لقب بالأثل، وبها لُقِّبَ طرفة، من أشهر الشعراء بعد امرئ القيس.

أتركك الآن لتستمتع بقراءة جزء من معلقة طرفة بن العبد "لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ":

"لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ.. تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.. وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم.. يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ.. كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً.. خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ.. عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ.. يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي.. يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها.. كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ.. وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ.. مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ.. خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ.. تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي.. وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً.. تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي.. سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ.. أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ.. وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها.. عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ.. وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ.. بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي.. أَمونٍ كَأَلواحِ الإران نَصَأتُها.. عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ.. جَماليَّةٍ وَجناءَ تَردي كَأَنَّها.. سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ.. تُباري عِتاقاً ناجِياتٍ وَأَتبَعَت.. وَظيفاً وَظيفاً فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ.. تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعين.. حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ.. تَريعُ إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي.. بِذي خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ.. كَأَنَّ جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا.. حِفافَيهِ شُكّا في العَسيبِ بِمَسرَدِ.. فَطَوراً بِهِ خَلفَ الزَميلِ وَتارَةً.. عَلى حَشَفٍ كَالشَنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ.. لَها فَخِذانِ أُكمِلَ النَحضُ فيهِما.. كَأَنَّهُما بابا مُنيفٍ مُمَرَّدِ.. وَطَيُّ مَحالٍ كَالحَنيِّ خُلوفُهُ.. وَأَجرِنَةٌ لُزَّت بِدَأيٍ مُنَضَّدِ.. كَأَنَّ كِناسَي ضالَةٍ يُكنِفانِها".