بلال بن رباح - رضي الله عنه وأرضاه - مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو من السابقين إلى الإسلام، واتخذه النبي صلى الله عليه وسلم مؤذناً له وللمسلمين ينادي الناس إلى الصلاة في اليوم خمس مرات . فكان يؤذن للصلاة حتى انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وبعد موته لم يؤذن إلا مرة واحدة: فعن ابن عساكر في تاريخ دمشق - وأبو داود في الزهد من طريقين عن هِشَام بْن سعد عَن زيد بْن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: ( قدمنَا الشَّام مَعَ عمر، فَأذن بِلَال، فَذكر النَّاس النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلم أر يَوْمًا أَكثر باكيا مِنْهُ ) رواه البخاري.
- فبعد وفاة الرسول الكريم ذهب بلال إلى أبي بكر رضي الله عنهما يقول له : يا خليفة رسول الله ، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله.
قال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟
قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت
قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا؟
قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله
قال أبو بكر: بل ابق وأذن لنا يا بلال
قال بلال: إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له
قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال
فسافر الصحابي الجليل إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا، ويقول عن نفسه:
لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أراد أن يؤذن وجاء إلى: "أشهد أن محمدًا رسول الله"
تخنقه عَبْرته ، فيبكي، فمضى إلى الشام وذهب مع المجاهدين
وبعد سنين رأى بلال النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه وهو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟.
فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة، فأتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعل يبكي عنده ويتمرّغ عليه، فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له: (نشتهي أن تؤذن في السحر)، فصعد بلال إلى سطح المسجد فلمّا قال: (الله أكبر الله أكبر).. ارتجّت المدينة فلمّا قال : (أشهد أن لا آله إلا الله).. زادت رجّتها. فلمّا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله).. خرج النساء من خدورهنّ، فما رؤي يومٌ أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم.
- وبلال بن رباح كان عبدا وهو أول من أسلم من العبيد، لكن أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتقه: فعن أبي أمامة، قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مستخفيا جراء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال: «أنا نبي»، فقلت: وما نبي؟ قال: «أرسلني الله»، فقلت: وبأي شيء أرسلك، قال: «أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء»، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: «حر، وعبد»، قال: ومعه يومئذ أبو بكر، وبلال ممن آمن به، فقلت: إني متبعك.
- وبلال بن رباح -رضي الله عنه - كان من أشد الصحابة صبرا على تعذيب قريش له بسبب إسلامه.
- عن مجاهد قال: " أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسمية أم عمار. قال: فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا، فجاء كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدم فيها الماء فألقوهم فيه، وحملوا بجوانبه إلا بلالا، فلما كان العشي جاء أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث، ثم طعنها فقتلها، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه، فجعلوا في عنقه حبلا، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة، فجعل بلال يقول: أحد أحد "
- وقد شهد الصحابي: بلال بن رباح - رضي الله عنه - بدراً وأحداً وجميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقال له رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع صوت نعاله في الجنة!!!
- فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أريت الجنة، فرأيت امرأة أبي طلحة، ثم سمعت خشخشة أمامي، فإذا بلال. وفي صحيح ابن حبان عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن رسول الله سمع خشخشة أمامه، فقال: من هذا؟ قالوا: بلال، فأخبره، وقال: بم سبقتني إلى الجنة؟ فقال: يا رسول الله، ما أحدثت إلا توضأت، ولا توضأت إلا رأيت أن لله عليّ ركعتين أصليهما، قال صلى الله عليه وسلم: "بها".)
- وعليه: فالإسلام لا يفرق بين جنس أو عرق في الدين ‘ إنما الأفضلية تكون للتقوى، قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فبلال بن رباح رضي الله عنه رغم أنه من الحبشة وفقيراً وأسمر الوجه إلا أنه كان من السابقين للإسلام ومن المقربين من رسول الله ومؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا الدين، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة وبشره بها!!!