ما الحكمة من ختم سورة النساء بآية المواريث

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٢ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 1- لأن السورة عبارة عن وحدة موضوعية وأهم ما في السورة التفصيل في المواريث فكان بداية السورة تتحدث عن التوصية بالنساء وآيات المواريث فناسب أن يكون نهاية السورة موافقاً ومؤكداً لما جاء في بداياتها، فختم سبحانه سورة النساء بهذه الآية كما بدأها بأحكام الإرث لتشاكل المبدأ والمقطع.

- وهذه الآية هي قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة النساء (176)

2- ولأن ترتيب الآيات توقيفي فهذه الآية نزلت آخر آية في سورة النساء فناسب أن يكون موضعها آخر آية في السورة.

3- أن يكون الحديث في بدايات السورة عن الميراث وكذلك في نهايتها هو دليل قوي وواضح على أهمية موضع الإرث في الإسلام، وأن الله تعالى قد فصل فيه بشكل دقيق وبين نصيب كل فرد ولم يتركه لاجتهاد الناس والعلماء حتى لا تضيع بعض حقوق الناس المالية.

- وسبب نزول هذه الآية: قيل إنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز لحجة الوداع بسبب جابر رضي الله عنه لما أغمي عليه فعاده النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث: "يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة" رواه مسلم

- وسورة النساء من السورة المدنية، وهي أطول سور القرآن - بعد سورة البقرة - وترتيبها في النزول بعد سورة الممتحنة، التي تقول الروايات: إن بعضها نزل في غزوة الفتح في السنة الثامنة للهجرة، وبعضها نزل في غزوة الحديبية قبلها في السنة السادسة- يعني لقد امتد نزول هذه السورة ما يقارب الست سنوات وأكثر.

4- والحكمة من تشريع الميراث للنساء والأطفال ونزول سورة كاملة تتحدث عن هذا الموضوع بسبب ضعفهم وعادة كثير من الناس أكل حقوقهم، فتجد الأخ الأكبر في حال موت والديه يتعدى على حقوق أخواته وإخوانه الصغار بحجة أنه أكبرهم، وتجد كثير من الحالات وخاصة في ميراث النساء - يقوموا بترضية المرأة سواء أخت أو أم أو بنت أو جدة أو زوجة بشيء قليل من ميراثها والتنازل عن ميراثها الكامل لأخيها أو زوجها أو أبيها، فبسبب هذا التهاون والظلم من كثير من الناس المسلمين!!! فقد تولى الله تعالى بنفسه بيان ميراث كل شخص سواء كان ذكراً أو أنثى صغيراً أم كبيراً.

- فحق تملك المال للطفل والمرأة قد كفله الشرع والقانون، والميراث هو أحد طرق تملك هذا المال، وقد بيّنت الشريعة الإسلامية تملك هذا المال بعد الموت - بحيث جعلت نصيباً لكل شخص من ورثة الميت - وهذا من حكمة الله تعالى في العدالة وما ينسجم مع الفطرة الإسلامية في حب تملك المال، ومن أجل النظرة الشمولية في المجتمع وتوزيع المال بشكل عادل بين الذكر والأنثى.

- وإذا كان الأب قد جمع المال بالحلال وبجهده وتعبه، فمن العدل الإلهي أن يمتلك هذا المال أبناءه وورثته، ليقوموا بتوزيعه وفق الشرع كلاً حسب حصته، ويقوموا كذلك بتنميته وزيادته لينتفعوا به هم وورثتهم كذلك مستقبلاً (فالجزاء من جنس العمل)

- والميراث حق للمرأة والطفل سواء كانوا أغنياء أم فقراء، فهذا شرع يجب تطبيقه، والمرأة المحتاجة خاصة سواء كانت بنتاً أو أختاً أو زوجة قد تجد في الميراث ما يحفظ قيمتها وكرامتها وعفتها وتعففها عن سؤال الناس، فتبقى في مكانتها المرموقة بميراثها زيادة على بر أولادها وأهلها لها.  وتوزيع الميراث كما قرره الشرع يحفظ الترابط الأسري المبني على المحبة والمودة والتكافل وتحقيق العدالة الاجتماعية.

- أما مسألة أن الإسلام عطى للذكر مثل حظ الأنثيين إنما هي مسألة حساب لا مسألة عواطف، والعدل يقتضي أن يعطى كل حسب حاجته فالرجل هو الذي ينفق وهو الذي يدفع المهر وهو الذي مطلوب من التعليم والعلاج والسكن والمأكل والمشرب والملبس، بينما المرأة غير مطلوب منها هذه الأمور لذلك كان نصيب الرجل ضعفي نصيب المرأة.

- أما مبدأ المساوة بين الرجل والمرأة والذي ينادي به اليوم أدعياء حقوق الإنسان فقد رفضه الإسلام بالكلية لأنه ينقص من حق المرأة - وهذا يدل على أن الإسلام راعى حق المرأة وشرفها وحفظها أكثير بكثير ممن يدعون أنهم ينصفون المرأة!!!

-بل إن الشرع قد توعد من يحرم المرأة من ميراثها لغير سبب شرعي كالردة مثلا، بالعذاب الشديد في الآخرة.