يعود السبب في هذا الأمر لما يسمى في السلوك البشري بالفضول، فما تقوم به وسائل الإعلام من جذب فضول الإنسان عن طريق استحواذ العقل والعمل على ما في المسلسل من مقدمة وحبكة ونهاية أثر على تملك الإنسان بطريقة غريبة لينتظر شهر وأكثر لمشاهدة مسلسل ما.
وآلية الفضول تقوم على استثارة العاطفة فالوسائل الإعلامية وما تعرضه من مسلسلات تتفاعل مع الجانب العاطفي النفسي للإنسان، وغالبًا ما تشكل العاطفة تعطش ورغبه للمعرفة مما يزيد من الشعور بالفضول ويزيد من قدرة الإنسان على الانتظار للحصول على نتيجة نهائية.
ومن ناحية أخرى يتأثر فضول الإنسان في كل مرحلة من مراحل العمر بعدة عوامل وأهم هذه العوامل التنشئة الاجتماعية، نتعلم ومنذ الصغير الكثير من السلوكيات خلال التنشئة ومنها في الوقت الحالي متابعة المسلسلات إما العادية أو الكرتونية كوسيلة من وسائل الترفيه، ونوع من أنواع التعليم في بعض الأحيان يختلف الأمر باختلاف نوع المسلسل وهدفه، ومن هنا نجد أننا كبشر نطور قدره المتابعة خلال السنين بطريقة مرنة وسهلة وإذا أمعنا النظر سنجد بأن نقضي أكثر من ربع الوقت من حياتنا نتابع المسلسلات المختلفة نتيجة سلوك مكتسب عبر التربية والتنشئة.
ومن خلال الاطلاع على طريقة عمل المخ، فإن المخ في حالة الشعور بالفضول تنشط فيه أجزاء الإدراك والتوقع وهذه العمليات تزيد من إفراز مواد كيمائية في الجسم تسهم في الشعور بالمكافأة والتعزيز والشعور بالمتعة والسعادة، ومن المواد التي يفرزها الجسم وتساعد في زيادة الشعور بالسعادة والمكافأة نتيجة متابعة المسلسلات الدوبامين، وتزيد هذه المادة من المرونة والرغبة في المعرفة مما يزيد الفضول والقدرة على المتابعة.
ومن ناحية أخرى قد يكون الفضول سبب في إشباع الرغبات العاطفية مثل الشعور بالحب أو الفرح أو السعادة أو الشغف، وهذه الأمور يمكن أن تتوفر وبطرقة ما عن طريق المسلسلات المختلفة أو الأفلام ونتيجة الطبيعة البشرية فإن الإنسان قد لا يكتفي بحلقة واحدة فقط وإنما حاجته النفسية للشعور بهذه المشاعر تجعله مواظب عليها. فالحاجة للحب والانتماء والتعاطف أمر يمكن تحقيقه عن طريق المسلسلات دون إصدار الأحكام من قبل المجتمع وبطريقة فيها نوع من الاستقلالية والحرية.
كما يمكن أن نقول بأن التحكم بالعقل اللاواعي للإنسان وتتبع ما للمجتمعات من حاجات يمكن تعويضها عن طريق المسلسلات سيكون سبب جذب وانتظار ومتابعة، حيث وجدنا هذا الأمر قبل عدة سنوات عندما اجتاحت المسلسلات التركية الوطن العربية وكان الناس يشاهدوها لفترات أكثر بكثير من ثلاثين يوماً، والسبب الأول أن هذه المسلسلات تناولت بطريقة أو بأخرى أحد الأمور المفقودة في المجتمعات العربية وهي المعاملة العاطفية بين الأزواج، وبعض منها تناول الجانب الكوميدي والذي فيه منفس ومهرب من تعب وضغط الحياة التي فيها قدر كبير من الفقر والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأخرى كانت تعالج بعض المشكلات المجتمعية فيرى الشخص في هذا المسلسل ما يتطابق مع ما لديه من حاله أو واقع فينشد له ويتابعه بطريقة مستمرة.
وهنالك أسباب شخصية قد تكون سبب في المتابعة الممتدة لمدة شهر أهمها:
- امتلاك وقت الفراغ؛ إن وجود وقت فراغ في هذه الأيام سبب في أن يتابع الشخص المسلسل حتى وإن كان لا يطابق ما لديه من ميول وأهداف، فليس هنالك أمر يمكن القيام به سوى متابعة المسلسلات خاصة أنها سهلة لا تتطلب الجهد الجسدي والبدني.
- أن المسلسلات تحقق هدف معين بالنسبة للشخص فالمسلسلات تختلف من حيث نوعها ومدتها ومنها ها هو علمي ويحقق المعرفة والعلم والتطور للشخص وبالتالي نجد بأن الفضول لديه مرتبط ارتباط وثيق باكتساب المعرفة والعلم،
- توافق المسلسل مع ما لدى الشخص من ميول ورغبات، فكما نرغب في قراءة الكتب السياسية والتاريخية والاقتصادية كذلك الأمر مع المسلسلات فهي في جانب من الجوانب تتوافق مع ما لدينا من ميول واهتمامات فمنها ما يناقش تاريخ البلدان ومنها ما هو موسيقي ويناقش قضايا الموسيقى وغير ذلك من الأمور والمتابعة هنا لها هدف يلبي الحاجات النفسية الخاصة للشعور بالسعادة والهدوء والراحة.
19294 مشاهدة
