لماذا يلجأ الشعراء إلى المعارضة الشعرية؟

2 إجابات
 المعارضة الشعرية قد تكون منافسة كمباريات كرة القدم، لكنها بين الشعراء هذه المرة. وهي أن يقوم شاعر بكتابة قصيدة، فتلقى هذه القصيدة صدى واسع وتكون محط إعجاب الجمهور، يقوم شاعرٌ آخر بكتابة قصيدة على غِرارها، بنفس الوزن والموضوع والبحر كذلك، بل وقد يستخدم بعض من مصطلحات القصيدة الأصلية. قد يكون السبب هو رغبة الشعراء باستعراض مهاراتهم وتحدي بعضهم وكما تعلم أن إذكاء روح المنافسة له أثر إيجابي على الشاعر ليبذل أقصى طاقته الإبداعية، ولعله من أهم الأسباب الداعية لذلك. وهي وسيلة لكشف مدى ثقافة الشاعر واطلاعه على الشعر القديم والحديث على حد سواء. وقد يكون السبب هو رغبة الشاعر الثاني بتحية الأول، لأنه من محبي شعره ومصدر إلهامه أو لأنه علم من الشعراء. تختلف الأسباب التي تدفع للتنافس باختلاف الزمن الذي يفصل بينهم، والحال التي كان بها الشاعرين.

قد يكون الشعراء بحالة حديث مع قديم. يعني أن الشاعر الأول ممن عصر قديم على سبيل المثال جاهليْ، ويعارضه شاعر معاصر. من أبرزها وأجملها بالنسبة لي معارضة أحمد شوقي للبُحتري؛ حيث استخدم أحمد شوقي نفس القافية والبحر. سأذكر بعض أبيات الشعر هنا والتي نتعرف على سبب المعارضة من قصة وسياق الحدث.

يقال إن أحمد شوقي على -هو من أبرز شعراء المعارضة - أنه يسير على نهج البُحتري ويقتدي به، وأنه يهدف لتخليد ذكراه. وكأنه يريد القول أنه يقتدي بالشعر والشعراء القدامى. يقول البُحتري بمطلع قصيدته:

صُنْتُ نَفْسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفْسي     وتَرَفَّعْتُ عَنْ جَدا كُلِ جبس

يُعارضهُ أحمد شوقي بمطْلَعه:

وَطَني لوْ شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ     نازعَتني إليهِ بالخُلد نَفسي


حالة أخرى، وهي قديم مع قديم  يعني أن الشاعرين كانا بنفس العصر مما يذكي روح المنافسة بينهم بشكل مباشر، خصوصاً أن الشعر كان مصدر تفاخر عند العرب، كما جرى بين الشاعر امرؤ القيس وعلقمة بن عبده وهما شعراء جاهليين سارت بينهم معارضة حول مدح فرسيهما وكانت زوجة امرؤ القيس حكم بين الاثنين. ويتضح هنا أنه منافسة بقدرات إلقاء الشعر.   

يقول امرؤ القيس:

خليليَّ مُرّا بي على أمّ جندب     لنقضي لباناتِ الفؤادِ المعذّبِ

فرد عليه علقمة:

ولم يكُ حقاً كلُّ هذا التجنبِ     ذهبتَ من الهجران في كل مذهبِ

 
المعارضة الشعرية هي وسيلةٌ لإحياء الشعر، فقد مر الشعُر العربي بسنوات ظلام خاصة خلال الحكم التركي، وقامت حركات تسمو بالشعر العربي ومن أبرزها ما قام به البارودي حين قام بالاقتداء بالشعر القديم مؤكداً على إبقائهم كمرجع لأنهم هم من أبدعوا بالكلمات وجزالة الأُسلوب. من الجدير بالذكر أن وجه التحدي هنا، هو قدرة الشعراء على تقييد أنفسهم بكتابة الشعر بسياق معين. وهو شكل فني مستقل بذاته والسبب الذي أدى لكتابة قصائد هي من عيون الشعر العربي. 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/صابرين-محمد-المشوخي
صابرين محمد المشوخي
بكالوريوس في تربية خاصة (٢٠٠٨-٢٠١١)
.
٣١ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
 يحدث في عالم الشعر أن يكون هناك شاعر معجب جدا في قصيدة شاعر آخر و يقوم بنظم قصيدة تشابهها في المعنى العام و القافية و يسمى ذلك بالمعارضة الشعرية .

 و عندما نقول ( عارض ) فلانا شخصا آخر في الشعر يعني أنه باراه أو جاراه أو أتى بمثل ما قال أو أحسن منه.

المعارضة الشعرية تكون بأن يقول شاعر قصيدة تشابه قصيدة أخرى في الوزن و القافية لإعجابه بها و يمكن أن تحتوي على الفاظ و كلمات  مشابهة  للقصيدة الأصلية .فيأتي بمعان أو صور  تشابه القصيدة الأولى في الجمال الفني أو تفوز عليها بالعمق أو حسن التفسير، أو جمال التصوير، أو فتح آفاق جديدة في باب المعارضة ، فالمعارض يكون بمثابة المقلد المعجَب، أو المعترف ببراعته على أي حال، و تكون المعارضة في الجانب الفني وحسن الأداء ، ولا يجب أن يكون المتعارضان متعاصرين في الزمان ، وإن اتفقا في وحدة البحر والقافية و الموضوع في غالب الأحيان، 
تعريف( أحمد الشايب) جدا مهم ومفيد أوضح فيه ما يربط القصيدتين في هذا الفن من وحدة في الموضوع والبحر والقافية، و أشار إلى إعجاب الشاعر المعارض بالقصيدة الأولى وعلى حرصه على نظم قصيدة تشابهها . فـعملياً الشاعر المعارض يقوم باقتباس أكثر من معنى ومن كلمةمن القصيدة التي يعارضها .

فعندما نـقرأ قصيدتين تكون الثانية معارضة للأولى، يكون واضحا لنا بأن الشاعر الثاني يقوم باستعمال نفس البحر ونفس القافية كما  يقوم بطرح نفس الموضوع والتطرق لنفس المعاني، و نراه يقتبس بين المرة والأخرى مفردات وعبارات من القصيدة النموذج. وهكذا يمكن القول بأن التناص  الذي يجمع بين القصيدتين يكون شاملا للموضوع والمعاني والوزن والقافية وصيغ التعبير معاً.