نعم الله تعالى يعلم أنها ستحدث ولكنه لا يؤمر بالمعصية ! بل بالعكس فالله تعالى يأمر بالعدل والإحسان وبالمسارعة إلى مغفرة الله تعالى ورحمته وجنته .
فإقدام الإنسان على العمل السيئ ، إقدام باختياره فلا أحد يجبره على هذا المنكر بل هو عمله باختياره والله تعالى يقول: ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا )
فالشاكر والكفور كلهم قد هداه الله السبيل وبينه له ووضحه له، ولكن من الناس من يختار هذا الطريق ومن الناس من لا يختاره ،
- فالإنسان حينما يقدم على العمل يقدم عليه باختيار منه ليس عن علم بأن الله قدره عليه وأرغمه عليه . ولهذا قال بعض العلماء : ( إن القدر سر مكتوم ) ونحن جميعاً لا نعلم أن الله قدر كذا حتى يقع ذلك العمل ، فنحن إذاً حينما نقدم على العمل لا نقدم عليه على أساس أنه كتب لنا أو علينا، وإنما نقدم عليه باختيار ، وحينما يقع نعلم أن الله قدره علينا، ولذلك لا يقع احتجاج الإنسان بالقدر إلا بعد وقوع العمل ، ولكنه لا حجة له بذلك ويذكر عن أمير المؤمنين عمر قصة - قد تصح عنه وقد لا تصح - رفع إليه سارق تمت شروط القطع في سرقته فلما أمر أمير المؤمنين بقطع يده قال: ( مهلاً يا أمير المؤمنين والله ما سرقت ذلك إلا بقدر الله. قال له : ونحن لا نقطع يدك إلا بقدر الله . فاحتج عليه أمير المؤمنين بما احتج به هو على سرقته من أموال المسلمين ، مع أن عمر يمكنه أن يحتج عليه بالقدر والشرع ، لأنه مأمور بقطع يده ، أما ذاك فلا يمكن أن يحتج إلا بالقدر إن صح أن يحتج به )
- وعلىه فإنه لا يمكن لأي أحد أن يحتج بالقدر على معصية الله ، لأن الله تعالى لم يجبره على معصيته ، بل قام بإختيار طريق الشر والمعصية ،وبالتالي من عدل الله تعالى أن يكون الجزاء من جنس العمل .