لماذا وحد الله لفظ النور وجمع الظلمات في كتابه الكريم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٥ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
أولاً: لأن طرق الظلمات والضلال والفساد والحرام متعددة. فجمع (الظلمات).
-ولأن طريق الحق واحد وواضح وبيّن وهو الإيمان بالله تعالى والتزام أوامره من خلال تطبيقها كما وردت في الكتاب والسنة النبوية المطهرة، لذلك أفرد (النور).

- وهذا المعنى واضح في قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة الأنعام: 153].

-قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه: ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات. لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة، كما قال تعالى: {وَجَعَلَ الظلمات والنور} سورة الأنعام: 1
 
- وقال الله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة البقرة (257).

- يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في تفسيره للظلمات والنور "فأولياؤهم يعيدونهم إلى ما خلقوا فيه من ظلمة طبائعهم وجهلهم وأهوائهم وكلما أشرق لهم نور النبوة والوحي وكادوا أن يدخلوا فيه منعهم أولياؤهم منه وصدوهم فذلك إخراجهم إياهم من النور إلى الظلمات وقال تعالى أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها فاحياؤه سبحانه وتعالى بروحه الذي هو وحيه وهو روح الإيمان والعلم وجعل له نورا يمشي به بين أهل الظلمة كما يمشي الرجل بالسراج المضيء في الليلة الظلماء فهو يرى أهل الظلمة في ظلامتهم وهم لا يرونه كالبصير الذي يمشي بين العميان.

ثم قال رحمه الله:

فصل في أن الخارجين عن طاعة الرسل يتقلبون في الظلمات وأن اتباعهم يتقلبون في عشرة أنوار، والخارجون عن طاعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ومتابعتهم يتقلبون في عشر ظلمات ظلمة الطبع وظلمة الجهل وظلمة الهوى وظلمة القول وظلمة العمل وظلمة المدخل وظلمة المخرج وظلمة القبر وظلمة القيامة وظلمة دار القرار فالظلمة لازمة لهم في دورهم الثلاثة.

وأتباع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم يتقلبون في عشرة أنوار ولهذه الأمة من النور ما ليس لأمة غيرها ولنبيها وآله من النور ما ليس لنبي غيره فإن لكل نبي منهم نورين ولنبينا وآله تحت كل شعرة من رأسه وجسده نور تام كذلك صفته وصفة أمته في الكتب المتقدمة".

- ويقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (يخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) فيقول: وإنما جعل " الظلمات " للكفر مثلا لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء وإثباتها، وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان والعلم بصحته وصحة أسبابه. فأخبر تعالى ذكره عباده أنه ولي المؤمنين، ومبصرهم حقيقة الإيمان وسبله وشرائعه وحججه، وهاديهم، فموفقهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك، بكشفه عنهم دواعي الكفر، وظلم سواتر عن أبصار القلوب.

ثانياً:
لأن النور واضح المصدر وهو من عند الله تعالى وحده، قال الله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.. [سورة النور: 35].

- بينما الظلمات فمصادرها متعددة وأسبابها كثيرة، كالشياطين، والأصنام والأوثان، والأهواء، ورفاق السوء، ولهذا تعددت الظلمات تبعا لتعدد مصادرها: قال الله سبحانه وتعالى {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} سورة النور 40.