أولاً: الصحيح أن يقال إن القبلة واحدة وهي الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، ولا يقال إن لها اتجاه واحد، لأن اتجاه القبلة يختلف باختلاف مكانك في الأرض، فمثلاً أهل اليمن وجنوب الجزيرة العربية قبلتهم باتجاه الشمال، بينما أهل الشام قبلتهم باتجاه الجنوب، وبعض البلدان اتجاه قبلتهم إلى المشرق، وبضعهم إلى المغرب، فاتجاه القبلة يختلف اختلاف موقعك على الأرض، لكن المقصود واحد وهو الكعبة المشرفة.
ثانياً: ما هو التعارض بين كون قبلة المسلمين واحدة وكون الأرض كروية؟
لا تعارض بين الأمرين مطلقاً ولا غرابة في ذلك أبداً، بل كون الأرض كروية أدعى لكون القبلة واحدة خاصة إذا ثبت أن مكة المكرمة هي مركز الأرض - وإن كان هذا الأمر فيه نقاش -، فكل من هم على هذه الكرة يتوجهون نحو مركز هذه الدائرة.
ثالثاً: طبيعة كل الديانات أن تكون قبلتها واحدة، فاليهود لهم قبلة واحدة وهي بيت المقدس، والنصارى لهم قبلة واحدة وهي جهة المشرق، والبوذيين لهم قبلة واحدة، وهكذا..، وهذا شأن معلوم في الأديان، وغير المألوف أن تتعدد جهات القبلة في الدين الواحد.
رابعاً: وحدة القبلة وتوجه جميع المسلمين إلى قبلة واحدة وهي الكعبة فيها مصالح وحكم عظيمة، أعظمها: وحدة كلمة المسلمين واجتماعهم، وتآلف قلوبهم ووحدة صفهم، ووجود ما يذكرهم كلما دخلت بينهم عوامل الشحناء والبغضاء والتفرق والتنازع والاختلاف أن هناك ما يجمعهم ويلتقون عليه، فيكون ذلك داعياً لهم إلى الاجتماع بعد الافتراق.
وتخيل لو كان لكل أهل بقعة أو منطقة في الأرض قبلة مختلفة عن قبلة غيرهم رغم أن دينهم واحد، كيف سيكون حالهم؟ وأي تفرق وتشتت وأهواء سيدخل بينهم؟!
وأخيراً فإن الأرض كلها لله وهو يختار لعباده ما يشاء وعليهم الطاعة، قال تعالى (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم).
والله أعلم