روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجلًا يتبَعُ حمامةً فقال "شيطانٌ يتبَعُ شيطانةً" حديث حسن صحيح (الألباني، صحيح الأدب المفرد، 799)
شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل الذي يمشي خلف الحمامة ملاعبًا لها بالشيطان، لأن هدف الشيطان الأساسي للإنسان أن يشغله عن كل ما يهمه من أمر دينه، فيحرص الشيطان على لهو المسلم وإضاعة وقته عن ذكر الله تعالى وعبادته، فوصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشيطان لأنه يعمل بعمل الشيطان، لانشغاله عن الحق ولهوه بما لا يعنيه.
أما وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الحمامة بالشيطانة، لأنها كانت سببًا في غفلته ولهوه عن الحق، كما يفعل الشيطان.
أمّا فيما يتعلق بسؤال السائل، فإن تربية الحمام أمر جائز بالإسلام، إذا قصد المسلم في ذلك قصدًا حسنًا، فيجوز تربية الطيور وغيرها كالأسماك والأرانب مثلًا.
روى البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان رسول اللهﷺ يدخل علينا، ولي أخ صغير يُكْنَى أبا عُمير، وكان له نُغَرٌ يلعب به، فمات، فدخل عليه النبيﷺ ذات يوم، فرآه حزيناً، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نُغَرُه، فقال: "يا أبا عُمير، ما فعل النُّغَير؟"وذلك من باب المداعبة، والنغير هو الطائر الصغير، فأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك تربية الطيور واللعب معها، كذلك لا حرج في اتخاذها بقصد الزينة والمؤانسة، إذا أحسن الإنسان إليها، بطعام وشراب، ومسكن، بأن يضعها في قفص أو نحو ذلك، وشرط ألّا يؤذيها وألّا يضرها بأي شكل من أشكال الضرر، ويحسن إليها. وألّا يسبب لها الأذى بلعب الأطفال بها بقصّ جناحيها أو نحو ذلك، كما هو متعارف عن لعب الأطفال بالطيور، وأما النهي جاء عن التطير الذي يورّث المسلم الغفلة عن أمر دينه ودنياه.
قال النووي: اتخاذ الحمام للفرخ والبيض أو الأنس أو حمل الكتب جائز بلا كراهة، وأما اللعب بها للتطير فالصحيح أنه مكروه، فإن انضم إليه قمار ونحوه ردت الشهادة، كذا في المرقاة.