لأن الخوف الطبيعي يدل على بشرية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهو بشر كباقي البشر يخاف ويحزن ويفرح.
- ثم لا عجب واستغراب من خوفه حين إعلامه بأنه نبي هذه الأمة وخاتم الأنبياء والمرسلين، فهذا الخبر لا يحتمله أي إنسان مهما بلغت قوته ومشاعره.
- والأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم شعروا بالخوف وخافوا عند رؤية الوحي وتكليفهم بالنبوة، ومثال ذلك ما حصل مع سيدنا موسى عليه السلام عندما تم إبلاغه بالنبوة خاف وفزع وهذا يدل على بشريته الحقيقية، فطبيعة الإنسان يخاف من أي أمر جديد غير متوقع له، وخاصة إذا كان هذا الأمر تكليف رباني بحمل مسؤولية كبيرة كمسؤولية النبي أو الرسول صلى الله عليه وسلم.
- ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على هيئته الحقيقة مرتين:
المرة الأولى: في اللقاء الأول بينهما في غار حراء.
-فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن كيفية وبداية نزول وإشراق الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: (أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي هو الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلوة، وكان يخلو في غار حراء، يتحنث (يتعبد) فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطنى الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم} سورة العلق (1-3)
- فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -، فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتكَسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
- فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها، وكان امرًأً تنصر بالجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله له أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس (جبريل عليه السلام) الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا (شابا)، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال: أَوَ مُخرجي هم؟، قال نعم، لم يأت رجل قَط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب (يلبث) ورقة أن توفي، وفتر الوحي) رواه البخاري.
- والمرة الثانية: كانت في السماء والتي حصلت في معجزة الإسراء والمعراج وهي مذكورة في قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) سورة النجم: (13 -16)
قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: "رأى جبريل له ستمائة جناح" رواه البخاري ومسلم.