أولاً: لأن التعدد يناسب الفطرة البشرية، ولأن أهل قريش كانوا قبل الإسلام يعددون في النساء ويتزوجون فوق الأربع نساء، فجاء الإسلام ونظم هذا الأمر وحدده بأربع نساء فقط لمن أراد التعدد.
ثانياً: ولأن هذا الأمر تشريع رباني، قد نعرف حكمته، وقد لا نعرف، فالعبادات لا تعلل، والزواج عبادة نتقرب بها إلى الله تعالى.
ثالثاً: والأصل في الزواج: هو (التعدد) لمن يستطيع القدرة الجسمية والمالية والعدل لقوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) سورة النساء 3.
- فالإسلام شرع التعدد وأجازه، ولكنه فضل الزوجة الواحدة لمن خاف أن لا يعدل، والآية واضحة في ذلك، وإلا فمن أهل العلم من اعتبر أن التعدد هو الأصل لا الواحدة، ومنهم من رأى خلاف ذلك.
- وقد أوضح الخلاف في ذلك الماوردي الشافعي في كتاب الحاوي الكبير، حيث قال: فصل: فإذا ثبت أن نفقات الزوجات واجبة فقد أباح الله تعالى أن ينكح أربعا بقوله: مثنى وثلاث ورباع {النساء: 3} وندبه إلى الاقتصار على واحدة بقوله: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
- وذهب ابن داود وطائفة من أهل الظاهر إلى أن الأولى أن يستكمل نكاح الأربع إذا قدر على القيام بهن ولا يقتصر على واحدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر عليها.
-واستحب الشافعي أن يقتصر على واحدة وإن أبيح له أكثر، ليأمن الجور بالميل إلى بعضهن أو بالعجز عن نفقاتهن، وأولى المذهبين عندي اعتبار حال الزوج، فإن كان ممن تقنعه الواحدة فالأولى أن لا يزيد عليها، وإن كان ممن لا تقنعه الواحدة لقوة شهوته وكثرة جماعة، فالأولى أن ينتهي إلى العدد المقنع من اثنتين أو ثلاث أو أربع ليكون أكنى لبصره وأعف لفرجه.
- ولا يعني هذا أن الإسلام قد حدد الزواج بأربع نساء فقط، لأن المسلم يستطيع أن يتزوج 4 ويطلقهن ثم يتزوج بأربعة مرة أخرى وهكذا.
- وحكم التعدد كثيرة منها:
1- المساهمة في تقليل ظاهرة العنوسة والطلاق.
2- المساهمة في تحصين الرجال والنساء.
3- حفظ النساء والمطلقات والأطفال من التشرد والانحراف.
4- حفظ المجتمع من الفاحشة عموما.
5- إكرام للمرأة المطلقة والأرملة وخاصة صغار السن منهن.
6- عدم التوافق بين الرجل وزوجته الأولى رغم محاولات الإصلاح المتكررة..
7- عدم إنجاب الزوجة الأولى.
8- قد يكون التعدد بسبب كثرة عدد النساء في المجتمع الناتج عن الحروب والكوارث وغيرها.
9- وهو شرع وتطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بشرط العدل والقدرة كما قلنا سابقا.
10- كما أن من حكم التعدد تكثير الأمة الذي لا يحصل إلا من خلال الزواج والتعدد والإنجاب.
- كما أن التعدد لا يجوز إلا بشرطين أساسيين هما:
الشرط الأول: العدل، لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء/3، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة. والمقصود بالعدل المطلوب من الرجل لإباحة التعدد له، هو التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته.
- وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها، ولا مطالب بها لأنه لا يستطيعها، وهذا هو معنى قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) النساء/129
الشرط الثاني: القدرة على الإنفاق على الزوجات: بدليل قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النور/33. فقد أمر الله في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف، ومن وجوه تعذر النكاح: من لا يجد ما ينكح به من مهر، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته ".