عند دخولك الى إحدى المعارض الفنية التي تعرض لوحات الفنان بابلو بيكاسو،او عندما تتصفح المواقع الالكترونية التي تعرض مجموعة من لوحات الفنان بابلو بيكاسو ،سوف يلفت انتباهك للوهلة الأولى وعند التمعن بالتفاصيل مدى تنوع الالوان والخطوط و انتقالها من الواقع الى الخيال المتجسد بالاشكال المسطحة الهندسية التي تجعلك تشعر انها من عالم آخر، فلماذا تنوعت أعمال الفنان بابلو بيكاسو، و كيف انتقلت من المنطق الى الخيال؟
الفنان بابلو بيكاسو، هو من أشهر الفنانين عبر العصور ،حيث انه ترك بصمة واضحة في عالم الفن من خلال لوحاته و قدرته على خلق اتجاهات فنية تعبر عن لغة روحه و تكسر قواعد الواقع.
من أقوال بيكاسو:" الفن هو الكذبة التي تجعلنا نكتشف الحقائق".
بتلك الكلمات عبر بيكاسو عن نظرته للفن، حيث انه لم يكتفي برسم الواقع بتفاصيله بل انه اقتبس حكاياه و نسج عليها رداء من عالم الخيال، قسمت أعمال بيكاسو على فترات، ولعل أبرزها :
الفترة الزرقاء
الفترة الوردية
الفترة الأفريقية
تلك الفترات حملت بداخلها أعظم اللوحات التي صنفت عبر العصور وعالميتها وتمثيلها للفن الحديث بصورة مبتكرة ، حيث إنها وصفت تنوع أعمال الفنان بابلو بيكاسو بصورة تحمل التباين الواضح في الوانها و اشكالها حيث امتازت الفترة الزرقاء بلوحاتها التي تحمل مشاعر الحزن في طياتها والذي يتجسد في ظلال اللون الأزرق الذي يطغى على لوحاتها ولعل الظروف التي مر بها بيكاسو في تلك الفترة جعلت من لوحاته تحمل طابع الحزن والكآبة، وكانت أبرز تلك اللوحات تدعى عازف الغيتار، التي عبرت عن مشاعر بيكاسو بكل شفافية و جسدت صورة رجل عجوز منكفئ على نفسه ممزق الملابس يحيط به اللون الأزرق الباهت و تتخلل ظلاله جسمه، لتجعل من الأمل يتركز في يده التي لم تتوقف عن العزف بالرغم من الحزن الذي يخيم على أجواء اللوحة.
بعكس الفترة الزرقاء كانت الفترة الوردية بداية أمل جديد في حياة بابلو بيكاسو، حيث ان الحب تخلل حياته وجعله يرسم لوحات تحمل بين طياتها مشاعر المحبة و الفرح و الشغف التي جسدها بيكاسو في تفاصيل الشخصيات التي رسمها بألوان زاهية تحمل السعادة بين تفاصيلها.
وايضا كانت الفترة الافريقية نقطة تحول كبيرة في حياة بابلو بيكاسو الفنية، فقد انتقل من خلالها من الواقع الى الخيال الذي جسده من خلال لوحاته التكعيبية التي استوحاها من الفن الأفريقي الذي يصور الاشكال بصورة غير مألوفة تحمل طابع البدائية، لكنها بالرغم من ذلك تجسد أشكال بشرية حية بصورة يعوزها المنطق، و من هنا استطاع تأسيس المدرسة التكعيبية التي استحوذت على مكانة عظيمة في عالم الفن ونشأ من خلالها العديد من الحركات الفنية عبر العصور.
من وجهة نظري ان الفنان يترجم روحه ومشاعره من خلال لوحاته، التي تخطها انامله ،ولعل بابلو بيكاسو كان أكبر مثال على ذلك، حيث أن لوحاته جميعها تحمل جزءا من روحه الذي ينعكس على خطوطه وألوانه المتجسدة في كل تفاصيل العالم الخيال الذي يأخذنا إليه بيكاسو مع كل لوحة معروضة على جدران الكون الشاسع، ببساطة أن سبب تنوع نمط لوحات بابلو بيكاسو برأيي هو تطور شخصيته عبر محطات قدره، و الذي بدوره ترجم حكايا واقعه الذي عاشه بكل تفاصيله عبر لوحاته لينتقل من محطة إلى أخرى تاركا وراءه مجموعة من اللوحات التي عبرت عن روحه في فترة زمنية معينة، ليعبر من خلال تذاكر القدر الى محطة جديدة في حياته خالي الوفاض، يهيئ نفسه لاستقبال مشاعر جديدة تصقل روحه و تجعله يؤسس نمط جديد يساعده في المضي قدما.