لماذا تضرب قصة سيدنا يوسف دائما كمثل لحسن الظن بالله تعالى

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٦ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لبيان جزاء التقوى والصبر الذي كافأ الله به نبيه يوسف عليه الصلاة والسلام، حيث كافئه الله تعالى بتلك الشهرة التي نالها حتى أن سورة في القرآن نزلت باسمه، وصار كل مبتلى يتسلى بها ويستبشر بأن الفرج قريب وإن طال الصبر والفراق.

-وحسن الظن بالله تعالى عبادة من العبادات القلبية لله تعالى، ويقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي:"أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" متفق عليه. وفي رواية أخرة (فليظن بي ما يشاء).

- ويعقوب ويوسف عليهم الصلاة والسلام أعطوا أروع الأمثلة والمواقف في حسن ظنهم بالله سبحانه وتعالى كما وردت في سورة يوسف عليه الصلاة السلام ومن هذه المواقف:

الموقف الأول: عندما فقد يوسف أول مرة بكذب إخوته على أبيهم يعقوب عليه الصلاة والسلام بأن يوسف قد أكله الذئب، فلم يجزع ولم يتسخط رغم أن يوسف كان من أحب البشر إليه! فمن  أعظم المصائب على قلب الأب أن يفقد أعز أبناءه عليه، ومع ذلك فلم يفقد صوابه، وقابل قدر الله النازل، بالصبر والحلم، والاستعانة بالله سبحانه على فقده واليقين بالله تعالى أنه سيعود إليه في يوم ما. "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" [سورة يوسف: 18].

الموقف الثاني:
عندما فقد ابنه الثاني، فعظمت مصيبته وزاد صبره، وعظم رجاؤه في الفرج من الله سبحانه، فقال لأبنائه: "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [سورة يوسف: 83].

الموقف الثالث: ولمّا عاتبوه أولاده وقومه على كثرة تذكره ليوسف عليه الصلاة والسلام بعد طول الزمان، وانقطاع الأمل، وحصول اليأْس في رجوعه، قال بلسان المؤمن الواثق في وعد الله برفع البلاء عن الصابرين، وإجابة دعوة المضطرين،"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" [سورة يوسف: 86].

الموقف الرابع: حينما أمر أولاده بالأخذ بالأسباب في السعي والبحث عن يوسف وأخيه فقال لأبنائه: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [سورة يوسف: 87].

الموقف الخامس: كان في جزاء الصبر وحسن الظن بالله تعالى، قال تعالى: "فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ" من عند الحبيب مبشرًا باللقاء القريب "أَلْقَاهُ" قميص يوسف "عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا" فرجع البصر، وبلغ الأمل، وزال الكرب، وحصل الثواب لمن صبر ورضي وأناب، "قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" [سورة يوسف: 96].

الموقف السادس: كان بعد لقائه بأخوته جميعاً وموعظتهم بأن من ثمار التقوى والصبر وحسن الظن بالله تعالى الفرج والفرح والسرور ونيل المطلوب من الله تعالى، "قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" سورة يوسف (90)

الموقف السابع: وهو حينما أعطى يوسف عليه الصلاة والسلام القميص لإخوته ليلقوه على وجه أبيه، كان ظنه في الله حسنا أنه سبحانه سيعيد إليه بصره {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين} (سورة يوسف: 93).

-وعليه: فمن خلال تلك المواقف التي حصلت بين يوسف عليه الصلاة والسلام وبين أبيه وإخوته عليهم السلام نأخذ دروساً في حسن الظن بالله تعالى، وبأن الله تعالى غالب على أمره، وأن العاقبة في نهاية الأمر ستكون حتماً للمتقين الصابرين المظلومين، ومن كمال حسن ظننا بالله تعالى أن نأخذ بالأسباب الشرعية التي توصلنا إلى ما نريد من قضاء الحاجات وتفريج الكربات وتيسير أمورنا جميعها في شتى نواحي الحياة. 

- فالحكمة من ورود القصص القرآني هو تسلية ومواساة للنبي صلى الله عليه وسلم، وموعظة وعبرة للمؤمنين الصابرين على أذى الأقرباء والأعداء بأن فرج الله تعالى قريب وما عليهم إلا أن يحسنوا الظن بالله تعالى. 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة