"وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةُ ،،، ولكنّ عين السّخط تــُبدي المساويا"
بيت الشعر السابق يختصر وصف الطبيعة البشرية بأنها تتحيز لمن تميل النفس إليه وتضع من تكره تحت المجهر وتسلط الضوء على أدق أخطائه، والسبب هو الصورة التي نحملها في بنائنا المعرفي عن الأشخاص المفضلين لدينا والتي لا تسمح لنا برؤية الواقع كما هو وهي ظاهرة يمكن أن تسمى بــ تحيز التأكيد، وتعني أننا نطابق ما نراه من حقائق في الواقع مع أفكارنا وليس العكس، على سبيل المثال إذا كنت ترى أن فلان يحبك، سترى جميع التصرفات التي تصدر عنه مبررة وتلتمس له الأعذار وتخبر نفسك بأنه ما دام يحبك هذا يعني أنه تصرف بهذه الطريقة لسبب ما لا تعرفه لكنه يصب في مصلحتك، والعكس صحيح إذا كنت تعتقد أن شخص ما يكرهك، ثم قام هذا الشخص بمنحك هدية! ستسأل نفسك عن السبب وراء هذا التصرف وربما تظن أنه ليس بحسن نية، وهذا ما أقصده بتحيز التأكيد أو تحيز المغالطة.
بالرغم من أن الأمر قد يبدو غير عادل للوهلة الأولى إلا أنه وفي بعض الأحيان يكون هذا النوع لازماً لاستمرار العلاقة، أحياناً علينا أن نتغاضى عن عيوب الشريك أو الشخص الذي نحبه حتى تستمر علاقتنا معه لأن التدقيق على أدق التفاصيل يجعل العيش مستحيلاً ولا يطاق، من المهم أن نعلم أنه لا أحد كامل، ولا أحد معصوم عن الخطأ وبهذا نجد التغاضي عن أخطاء الآخرين أكثر سهولة، قد يبدو الأمر مزدوج المعايير فكيف للتحيز أن يكون جيداً في حالة حبنا للشخص وسيئاً في حالة كرهنا له ؟ الأمر في النهاية يعتمد على قناعات الشخص ومدى تعلقه بالآخرين وقدرته على تحكيم المنطق في علاقاته.