كيف يمكنني معرفة ماذا أريد من هذه الحياة؟

إقرأ القرآن يتدبر ستعرف ماذا تفعل بالتفصيل

 الكثير منا في بعض الأحيان يحس بالضياع وعدم معرفة سبب وجوده في الحياة، ولا ما يقدر عليه، ولا ما يرغب القيام به أصلا، إلا أن هناك معايير معينة، منها نستطيع أن نحدد أهدافنا في هذه الحياة، بحيث تكون هذه الأمور التي تريدها في الحياة واقعية وقابلة للتحقيق، فيها كفاءة وتتمتع بالفاعلية.

المعيار الأول هو تحقيق السعادة، وهو أمر مشترك عند جميع البشر، وحتى تكون شخصا سعيدا، هناك خمسة جوانب أساسية لا بد من الاعتناء بها وتحقيقها، والجوانب الخمسة هي:

أولا: الجانب الروحاني، وتتمثل في تقوية علاقة الشخص مع ربه، شاملة صلاته وعباداته وإيمانه
ثانيا: الجانب الصحي، وتشمل الصحة الجسدية والصحة النفسية
ثالثا: الجانب المهني، ما هي مهنتك أو وظيفتك، سواء كانت وظيفتك الحالية، أو الوظيفة التي تطمح لها.
رابعا: الجانب المادي، أي ما تمتلك من مادة حاليا، وما تطمح لامتلاكه مستقبلا
خامسا وأخيرا: الجانب الاجتماعي، علاقتك مع نفسك وعلاقتك مع الآخرين من الأسرة والأصدقاء والأقارب.

الجوانب الخمسة التي ذكرتها لك، إن نقص أحدها عندك، فتأكد تماما أن ذلك سيؤثر على سعادتك، والتي هي هدفك في الحياة، لذلك علينا العمل على آلية معينة، بحيث عندما نحدد أهدافنا، يجب أن تكون هذه الأهداف مناسبة للجوانب الخمسة، بمعنى آخر، أن أقوم بوضع هدف للجانب الروحاني، وهدف للجانب الصحي، وهدف للجانب المهني، وكذلك للجانبين المادي والاجتماعي. وبناء على ذلك تكون قد حددت على الأقل خمسة أهداف، لكل جانب هدف. ولو شعرت بأنك مقصرا تجاه أحد الجوانب بنسبة كبيرة، فيمكنك أن تحدد له هدفين أو أكثر في سبيل دعمه، وعلى ذلك يتم وضع خطة زمنية للأهداف المحددة، ولا تنس أن الإنسان الناجح هو من يعرف أهدافه، ويحددها بدقة متناهية أما الأشخاص الفاشلين في الحياة فهم عادة أشخاص لا يعرفون ما هي أهدافهم، أو يعرفونها ولكنهم لم يحددوها ويركزوا على تحقيقها بشكل واضح وصريح.

ومن الأمثلة على تحقيق أهداف الجوانب الخمسة:

الجانب الروحاني: مثلا وضع هدف الالتزام بعبادة معينة خلال فترة زمنية محددة.
الجانب الصحي: الالتزام بنظام غذائي معين، أو هدف تحسين الصحة النفسية والتخلص من مشاعر الخوف والقلق والاكتئاب
الجانب المهني: هدف تطوير السيرة الذاتية، أو تطوير المهارات والقدرات، أو الالتزام بحضور دورات أو ورشات عمل أو التعلم ذاتيا
الجانب المادي: زيادة ثروتك بنسبة معينة خلال فترة زمنية، أو زيادة مبيعاتك، او ان تحصل على ترقية، أو زيادة ادخاراتك
الجانب الاجتماعي: زيادة العلاقات، تحقيق السفر، الرحلات، التعرف على أشخاص من المحيط

المعيار الثاني هو البيئة، فنحن نعيش في بيئة، وهذه البيئة مليئة بالفرص والمخاطر، فأهدافك يجب أن تحقق استغلال الفرص الموجودة والمتاحة في بيئتك، ومن الممكن أن تكون أهدافك عبارة عن استعدادات لمواجهة المخاطر المحتملة، إذا عليك أن لا تنس أن هناك في البيئة فرص ومخاطر، لذلك لا بد لا أن تقرأ البيئة التي من حولك للاستفادة من فرصها والابتعاد عن مخاطرها.
فعلى سبيل المثال، لو كان لديك هدف البدء بمشروع معين، وهذا المشروع قد لا ينجح في السوق المحلي في المنطقة التي تقطنها، بسبب الإشباع أو التنافس الشديد أو الصعوبة أو المخاطر العالية، فهنا عليك أن تقوم بعمل تعديلات على هدفك أو تحاول أن تستبدله بهدف آخر لع علاقة بقدراتك ومهنتك وقريب من الفرص وبعيد عن المخاطر قدر المستطاع.

حاول أن تكون أهدافك أقرب ما تكون إلى الفرص المتاحة، وأبعد ما تكون عن المخاطر المحتملة.

المعيار الثالث هو قدراتك، وهو معيار مهم جدا، فما هي قدراتك، وأين تكمن المواهب التي أنت تمتلكها، فإذا قمت أنت بوضع أهداف بعيدة جدا عن قدرات، فأنت ستستهلك العديد من الموارد والجهد والوقت، لذلك يجب أن تكون أهدافك مناسبة للقدرات التي تمتلكها، وعادة ما تصنف القدرات إلى نوعين هما:

أولا: القدرات الفطرية وهي عادة ما تكون هبة من الله موجودة عندك وعند أشخاص آخرين ولكن ليست موجودة عند الكل، كامهارة الرسم، أو القدرة على ممارسة أنواع معينة من الرياضة، وإن امتلكت قدرة فطرية معينة، فعليك أن تحرص على أن تكتشف جوانبها، ولتكتشف ما هي قدرتك الفطرية فعليك بالتأمل، لأن التأمل والتخيل يساعدانك على أن تصل للقدرات الموجودة عندك، كذلك تحديدك للأمور والأعمال والأنشطة التي تجدها سهلة بالنسبة لك، فاستسهالها دليل وجود قدرة فطرية عندك للقيام بها، ومن باب تحديد قدراتك الفطرية، يمكنك تجربة العديد من الأنشطة، جرب الرسم، والركض، وحل الألغاز والهوايات المختلفة، فخلال تجاربك المتعددة قد تجد مبدعا في أحدها دون علمك المسبق بامتلاك هذه المهارة الفطرية، كذلك هناك أمر قد يساعدك لتحديد قدراتك الفطرية، وهو تذكر الأمور التي كنت تتميز فيها خلال طفولتك.
 
ثانيا: القدرات المكتسبة وهي مكتسبة من البيئة تتعلمها في المدرسة والجامعة ومن خبرتك في الحياة، وهي تشمل المعرفة إضافة إلى المهارة، فإن عرفت أنت شيئا معينا، وبدأت بممارسته بطريقة بارعة، فأنت هنا دمج المعرفة بالمهارة، وأصبحت تمتلك القدرة المكتسبة، فمثلا لو كنت نظريا تعرف كيف تعمل السيارات وكيف يتم قيادتها، وعلى علم بوظائف دواسة الوقود والمحرك وعجلة القيادة والمكابح ومحرك السرعة وتعلمت شواخص المرور، وبناء على ذلك قمت بالتدرب عمليا على قيادة السيارات وأصبحت تمارس القيادة حتى أتقنتها، فإنك هنا أصبحت تمتلك القدرة المكتسبة في قيادة السيارة.
 
المعيار الرابع هو رغباتك الشخصية أي ما هي الأمور التي ترغب أنت بها بشدة، ما هي الأعمال التي تتشوق للقيام بها بمجرد استيقاظك من النوم، ما هي الأمور التي تستمتع خلال قيامك بها، ومعرفة ما هي الأمور التي ترغب بالقيام بها حتى لو كانت بدون أجر مقابل أو أجر مادي، لأن هذا النوع من الأعمال أو الهوايات هي الأقرب لشغفك والأسهل عليك والأكثر إمتاعا بالنسبة لك

المعيار الخامس هو الواقعية فأهدافك يجب أن تكون قريبة من الواقع، فلا تضع أهدافا بعيدة جدا عن الواقع والمنطق، بل يجب أن تكون ممكنة وقريبة من قدراتنا ومن بيئتنا وفرصنا ومعارفنا ومعرفتنا ورغباتنا، ويندرج تحت معيار الواقعية أيضا وضوح الهدف ودقته وواقعيته، ولا أقول هنا أن لا نملك طموحا لأهداف أعلى، إنما أقول أن علينا رسم خطة محددة يمكن الالتزام بها، ولا مانع من أن تكون لك أحلامك وأمنيتاك الخاصة والتي قد تصبح هدفا لك في وقت لاحق، ولكن في الوقت الحالي، أنصحك بالتخطيط لتحقيق الأهداف القريبة، واصعد السلم درجة درجة. 
 

الإجابة عن هذا السؤال مهمة للتعرف على الذات، فأولًا يجب أن تكتب على ورقة ما هي المواهب التي لديك، ماذا تحب؟ وإلى أين تريد أن تصل؟ حاول أن تتذكر أمانيك في الطفولة، لأن كل إنسان قد ميزة الله بشيء فمثلًا لو جلست مع نفسك ووصلت إلى أنك شخص تحب الكتابة والتأليف فيمكنك استثمار ذلك بحسب الامكانيات الموجودة لديك، ولا تنس أن الغاية الأولى من وجود الإنسان هي إرضاء الله تعالى فحاول أن تستثمر مواهبك وتنظر حولك وتتكيف مع إمكانياتك لإرضاء الله تعالى ومن أخلص النية لله وفقه وأيده إن شاء الله. 

في البداية نحن كبشر خلقنا في هذه الحياة من أجل عبادة الله عز وجل وبعد ذلك يا اخي عليك أن تسأل نفسك مثلاً: