دعنا نتفق بالبداية على السبب الحقيقي وراء حالة المماطلة والتسويف التي نمر بها؛ فإذا لم نعرف سبب المشكلة وعملنا على اقتلاعها من جذورها، جميع النصائح التي ستمر به لن تكون ذات نفع. السبب الحقيقي للمماطلة هو الخوف من الرفض والفشل، نعم ليس الكسل ولا قلة الشعور بالتحفيز.
فَخوفك من عدم قدرتك على إتقان العمل المكلف به أو عدم فهمك للمناهج التي بين يديك، أو ربما رفض المدرس لمشروعك، يدفعك إلى تأجيل القيام به؛ لتشعر بالراحة والسكينة المؤقتة، متناسٍ أن نتيجة ذلك الفعل تشكيل المزيد من الخوف والقلق.
ومن الممكن أن يكون لحب الكمال (المثالية) دورًا في ذلك؛ إذ أنك تخاف من أن لا تقوم بالمهام المكلف بها على أكمل وجه. وفي بعض الأحيان حجم المهام الضخمة التي عليك القيام بها يجعلك خائفًا من فشلك بإنجازها أو الخوف من شعور الإرهاق الذي يتبعه.
هذا النوع من الخوف يحل بتغيير نوع الكلمات التي تحدث عقلك بها؛ فالكثير من علماء النفس يأكدون أن العقل لا يميز بين الحقيقة والكذب، لذلك يجب عليك استغلال هذه الحقيقة لحل العديد من مشاكلك بدأً بالمماطلة. فقم بإخبار نفسك أن تريد أن تقوم بدراسة ذلك الموضوع المعين، وأنك تحب و تستمتع بالدراسة، واخترت أن تستمتع أثناء قيامك بها.
أعلم أن النصيحة تبدو للوهلة الأولى غريبة وغير حقيقية؛ لكن من تجربتي الخاصة هي فعالة جدًا، فأهم شيء بالدراسة هو امتلاك الحالة النفسية المستقرة للقيام بها. قم بتجريبها لفترة كافية من الزمن، صدقني النتائج لن تخذلك!
الأن دعني أعرض عليك بعض النصائح للتخلص من المماطلة وجعل الدراسة أكثر متعة، ودعني أخبرك أن الكرة حقًا في ملعبي في مثل هذه المواضيع!
1 – تحرك قبل أن تفكر: أي ابدأ بالدراسة قبل أن يقوم عقلك بإقناعك بالانتظار لفترة أطول؛ فلا تنتظر اللحظة التي تشعر فيها بالرغبة بالدراسة، بمجرد معرفتك بالمهام المطلوبة قم بالوقوف والتقط المواد التي تحتاجها واجلس على مقعد وابدأ. قم بإيقاف أي أفكار تراجعية في هذه المرحلة.
2 – ابتعد عن المشتتات: يجب عليك الانفصال بشكل تام عن الأمور التي تقوم بتشتيتك؛ فالعقل يواجه صعوبة في تجنب المشتتات من تلقاء نفسه (لا تعتمد على إرادتك).
فقم بإغلاق هاتفك أو تركه بغرفة أخرى، وفي حال حاجتك له في الدراسة استخدم تطبيق
flipd، فهو يسمح لك باستخدام البرامج الأساسية فقط، ولا يسمح بفتح البرامج الأخرى قبل انتهاء الوقت الذي قمت بتحديده.
جد مكان أو غرفة بعيدة عن عائلتك واطلب منهم عدم ازعاجك لأنك ستقوم بالدراسة. وقم بإحضار جميع المواد والأدوات التي تحتاجها لكي لا تضطر لإحضارها وقطع حبل تركيزك أثناء الدراسة.
3 – نظم مواعيد دراستك وراحتك
أ – مواعيد الدراسة: انصحك باستخدام تقنية بومودورو (Pomodoro technique)؛ إذ تقوم بالدراسة بتركيز تام لمدة 25 دقيقة، ثم تأخذ راحة لمدة 5 دقائق، وقم بتكرير هذه العملية 3 مرات قبل الحصول على راحة مدتها من 15-30 دقيقة. وهذه التقنية قابلة لتعديل لتناسب احتياجاتك؛ فمن الممكن أن تدرس لمدة 50 دقيقة ثم ترتاح لـ10 دقائق، وهذا ما أفضله شخصيًا.
استخدم مؤقت الهاتف أو الساعة اليدوية لتوقيت تلك الفترات، أو استخدام تطبيقات مختصة بذلك، شخصيًا أحب تطبيق
forest، به تحدد الوقت الذي يناسبك وعند إنتهاء الوقت تُزرع شجرة على الأرض الافتراضية بالتطبيق -والأرض الواقعية أيضًأ!-، وفيه خاصية تمنعك من الخروج من التطبيق لتصفح هاتفك.
ب – وقت الراحة: تجنب استخدام وقت الراحة بالأمور السارقة للوقت كالهاتف؛ فمن الممكن أن تتحول هذه الراحة البسيطة إلى راحة لبقية اليوم. انصحك بأن تقوم
بتمارين التمدد في هذا الوقت وتناول وجبة خفيفة كالمكسرات لاستعادة طاقتك.
4 – أجّل المكافآت: اترك الأمور مثل تصفح الانترنت ومشاهدة برنامجك المفضل، أو تناول قطعة من كعكة الشوكولاته أو لعب الألعاب الإلكترونية لبعد الإنتهاء من مهامك، فستحفزك على العمل بتركيز وجدية. صدقني إن شعور اللعب بعد الإنتهاء من الواجبات شعور مميز ومريح، خالٍ من القلق ويجعلك تشعر بالفخر.
لا تنسَ أن المماطلة والتسويف والكسل مجرد عادات تمتلكها ؛ فهي لا تمثل شخصيتك ولا كينونتك، فأنت لست مماطل، أنت شخص يتصرف بالوقت الحالي بِسلوك المماطلة. فَضع اليأس جانبًا وحاول مجددًا بغض النظر عن عدد مرات المحاولة التي تحتاجها!
المراجع: