الثقوب السوداء، أقوى شيء توصّل له العلم في الكون، قوية لدرجة أنها يمكن أن تفتت نجوم كاملة إلى مكوناتها الأساسية، و هو شيء مخيف بما فيه الكفايه لمجرّد تخيله، فما بالك أن تشهده؟ولكن الثقوب السوداء تمتلك أيضاً خاصية مخيفة وغامضة، حيث بإمكانها أن تمحي الكون نفسه و تحذفه كاملاً !
أولاً :
الثقب الأسود - باختصار
ينشأ الثقب الأسود عندما تتركز كمية هائلة من المادة في فضاء صغير جداً، و في مركزه تكون قوة الجاذبية قوية بشكل لانهائي، و اذا اقترب منها أي شيء، فسيتحلل إلى جزيئاته الأساسية. حتى الضوء لا يستطيع أن يهرب من مجال الثقب الأسود.
-لا شيء- يستطيع أن يهرب من جاذبية الثقب أسود بمجرد ما أن يصبح قريباً جداً منهإن حد الثقب الأسود (
حد أفق الحدث The event horizon) يفصل بشكل كلي الثقب الأسود عن بقية الكون. ليس بمقدرونا الدخول إليها إلا إذا كنَّا نريد رحلة بلا عودة. اذاً، لا يوجد أي طريقة تمكننا من معرفة ما يجري بداخلها، ولكن العلماء لديهم بعض التخمينات عمّا يحدث على حافتها.تُصدر الثقوب السوداء إشعاعاً من كتلتها يُسمى
إشعاع هوكينج (
Hawking's Radiation)، وتفقد بذلك -باستمرار- مقداراً صغيراً جداً من كتلتها، و هذه العملية بطيئة جداً، لكنها تحدث بشكل ثابت و بلا توقف، و كلما استمرت هذه العملة فإنها سوف تتسارع أكثر و أكثر. و في المستقبل البعيد جداً، عندما تكون ترليونات السنين قد مضت على موت آخر نجم في الكون، سوف تصبح الثقوب السوداءأصغر فأصغر حتّى "تتبخّر كلياً" و تختفي تماماً، تاركةً خلفها بعض الإشعاع.ولكن هذه مشكلة، حيث أنه خلال عملية الاختفاء، من الممكن للثقوب السوداء أن تَمحي شيئاً أساسي ألا وهو:
المعلومات.ثانياً : ما هي المعلومات ؟
المعلومات ليست شيئاً محسوساً، تُفهم المعلومات [فيزيائياً] على أنها خاصية لنَظْم و ترتيب الجزيئات، فماذا يعني هذا؟تصوّر مجموعة من ذرات الكربون، إن رتبتها بطريقة معينة سوف تحصل عى الفحم و إن رتبتها بطريقة أخرى سوف تحصل على الألماس. فالذرات هي ذاتها، ولكن ما تغير هو المعلومات. وحدات البناء الأساسية لأي شي في الكون هي نفس الشيء. لن تهتم هذه الوحدات [الذرات] إذا كانت جزءاً من طائر، صخرة أو كوب قهوة، من غير المعلومات كل شي في الكون سيكون شيئاً واحداً.
وبحسب ميكانيكا الكم، فإن المعلومات غير قابلة للتدمير أو الفناء، ولكنها يمكن أن تغير أشكالها، فعلى سبيل المثال: إذا قمت بحرق قطعة ورقة سوف تحصل على رماد، هذا الرماد لن يصبح ورقةً مجدداً بالتأكيد، ولكن إذا ما كان بمقدورك أنْ تجمع بحذر كل ذرة كربون في الرماد و قمت بقياس نفس خواص الدخان والحرارة خلال إحتراق الورقيمكنك - نظرياً - إعادة بناء الورقة. ستكون معلومات الورقة ما زالت محفوظة في الكونولن تكون مفقودة. ستصعب قرائتها فقط أو الوصول إليها.
إذا إستطعت بطريقة ما أن تقيس كل ذرة، و كل جزيء، كل موجة إشعاع في الكون، فسيمكنك رؤية وتتبع مكان أي معلومة موجودة. نظرياَ تستطيع أن ترى التاريخ الكلي للكون عودةً إلى الإنفجار العظيم.
و هنا تثير الثقوب السوداء بعض المشاكل لنا. تخبرنا المعلومات كيف أن الأشياء مختلفة عن بعضها البعض، و ماذا كان كل منها سابقاً. وعلى النقيض تماماً الثقوب السوداء تقوم بأخذ الأشياء المختلفة وتجعلها نفس الشيء!إنها تدمر المعلومات! وهذة مشكلة جديّة.
مفارقة المعلومات The Information Paradox
إن اساس كل قوانين الفيزياء يقوم على أن المعلومات لا يمكن لهاأن تضيع ابداًسواء كان الشي أو كنا نحن موجودين أو لا، فإنه و بدون المعلومات سيكون كل شي نسبياً.و عندما ترجع الأمور إلى فهمنا لالواقع فنحن بحاجة إلى اشياء مطلقة لا أشياء نسبية على الاطلاق.