هل يمكنك أن تشرح لي كيف تكونت الثقوب السوداء؟

الثقوب السوداء، واحدة من أعجب المكونات الموجودة في فضاء الكون، فعندما نتحدث عن الثقوب السوداء، لا بد لنا أن نتوقف عن التفكير المنطقي لبرهة و ننظر للأمر من أبعاد أخرى، فمن اين تأتي الثقوب السوداء؟ كيف تتكون؟ و ماذا يحدث اذا سقطت في احداها؟

تعتبر النجوم حالة تجمع ذرات غاز معظمها من الهيدروجين، و تمتاز بكونها هائلة الكتلة أيضاً. في قلب النجم, يحصل الاندماج النووي الذي يقوم بتحويل ذرات الهيدروجين الى هيليوم, و كنتيجة لعمليات الانماج هذه، يحدث انبعاث هائل للطاقة، و التي بدورها عند انبعاثها للخارج تقوم بالدفع و الضغط باتجاه معاكس لاتجاه الجاذبية الذي يدفع باتجاه الداخل مما يبقي النجم في حالة من الاتزان.

و طالما تستمر عمليات الاندماج النووي هذه في قلب النجم, فسييبقى النجم مستقراً بما فيه الكفاية ليحافظ على بقائه، شكله و خصائصه. و لتلك النجوم التي تتمتع بكتلة أكبر بأضعاف مضاعفة من كتلة الشمس، تستمر عمليات الاندماج في نواة قلب النجم حتى بعدَ نضوب كمية الهيدروجين كافة، فبفضل الحرارة و الضغط في لبها ستتمكن من دمج عناصر اثقل، لتشكل سلسلة من الاندماجات النووية الواحدة تعقب الأخرى، حتى يصل النجم الى عنصر الحديد كناتج عملية اندماج أخير في السلسلة. و على عكس كل العناصر السابقة، لا يؤدي الاندماج النووي الذي ينتهي بانتاج الحديد الى انبعاث أي طاقة تذكر، فينتهي الحال بتراكم الحديد في نواة النجم لغاية ان يصل الى حد حرج، فيختل التوازن بين الاشعاع و الجاذبية. و ينهار قلب النجم. لا يوجد أي اشعاع يدفعباتجاه الخارج ليوان قوة الجاذبية التي تدفع باتجاه الداخل، إن كل ما هناك هو الجاذبية فقط، التي تستمر بالضعط و الدفع باتجاه الداخل. و خلال وقت قصير جداً "جزء من الثانية" ينهار النجم.


و ينتج عن ذلك تحرك للمواد بسرعة تعادل حوالي ربع سرعة الضوء، دافعة كميات أكبر و أكبر من المواد من غلاف النجم الخارجي باتجاه قلب النجم، حتى يصل النجم لمرحلة انفجار المستعر الأعظم أو السوبر نوفا Supernova

و في هذه الأثناء، و بعد حصول الانفجار المذكور، سينتهي الأمر باحدى الاحتمالين : توليد "نجم نيوتروني", او توليد "ثقب اسود". و يعتمد ذلك على كتلة النجم، فاذا كانت الكتلة كبيرة بما فيه الكفاية (ثمانية أضعاف كتلة الشمس) سينتهي بها الحال ثقباً أسوداً.

اذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية و تسنت لك الفرصة لتنظر إلى ثقب اسود, إن ما سوف تراه هو "أفق الحدث" (Event Horizon). أي شيء يتعدى أفق الحدث يجدر به أن يستطيع الحركة بسرعة تتجاوز سرعة الضوء حتى يستطيع الفرار من أفق الحدث، و هذا يتنافى مع مبادئ النظرية النسبية.

فبالتالي إن كل ما سنراه هو مجرد كرة سوداء, لا تمتلك القدرة على أن تعكس أي شيء.
و لكن، اذا كان أفق الحدث هو الجزء "الاسود" من الثقب الاسود، اذاً ما هو جزء "الثقب" من الثقب الاسود؟ يسمّى هذا الجزء "المتفردة" (Singularity). لا نعلم بالضبط ما هو.
كل ما نعرفه عن المتفردة أن لها كثافة لانهائية, اي ان كتلته لها متركزة في نقطة واحدة في الفضاء لا سطح لديها ولا حجم.