كيف يمكن للأرض أن تتناقص كما قال تعالى: (ننقصها من أطرافها)؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٣٠ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 يقول الله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) سورة الرعد آية/ 41.

وقال الله تعالى: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ) سورة الأنبياء آية/ 44.
فقد ورد في تفسير هذه الآيات عدة أقوال منها:

قال الشوكاني رحمه الله في تفسير الآية:
أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:

أولم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصالحين والأخيار.

وقد أورد ابن كثير رحمه الله تعالى فقال:

أن ابْنُ عَبَّاسٍ قال: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ، وَقَالَ في رواية أخرى: أن المقصود هو خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا،

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: (نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)، أي خَرَابُهَا، ونُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ، ولَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ، وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ، وأيضا مَوْتُ الْعُلَمَاءِ

وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ،

وقد ذكر وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أي نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا،

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ،


والقول بأن هُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية، وهذا اختيار ابن جرير " هو الأصح والله أعلم.

وقد أورد في ذلك وقال السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره:

أن الظاهر والله أعلم بأن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) يدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي

وكذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، كما في "لقاء الباب المفتوح"
وعلى ذلك: فيكون معنى أطراف الأرض: نواحيها وجوانبها.


فالمقصود بأطرافُ الأَرْض: أي نَوَاحِيهَا، الْوَاحِد طَرَف، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة

أما من الناحية العلمية والتي توصل إليها علماء الفضاء فإنه من المعروف بأن الأرض تدور حول نفسها سريعا وتدور حول الشمس سريعا هائلة تتجاوز المئة ألف كيلو متراً في الساعة! فاكتشف العلماء بأن هذا الدوران المستمر على مرّ آلاف الملايين من السنين قد يؤدي إلى انكماش الأرض وتناقص قطرها عند القطبين بسبب القوة النابذة الهائلة المتولدة عند خط الاستواء. لذلك نجد شكل الأرض بيضاويا وليس تام الاستدارة.


وإن
التناقص في قطر الأرض عند طرفيها يكون بحساب دقيق وبمعدل مليمترات سنويا! 
وبأن هذه المسافة الدقيقة لا يمكن لأحد قياسها مباشرة. ولكن تم استنتاجها من خلال الحسابات والأرقام.
فالأرض كانت تنقص من أطرافها وهي مستمرة في التناقص. وحدَّد القرآن هذا التناقص عند أطراف الأرض عند القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي. هنالك كثير من التناقص في الأرض، فالكرة الأرضية تنفث ملايين الأطنان من فوهات البراكين، ويتسرب جزء منها إلى خارج الغلاف الجوي وهذا نقصان في وزن الأرض باستمرار.


كما أن العلماء قد وجدوا بأن هنالك نقصان آخر في قمم الجبال التي تنقص باستمرار بفعل العوامل الجوية كالرياح. كذلك يمارس البحر دوره في الحتّ لشواطئه فتتآكل هذه الشواطئ باستمرار وتتناقص. وهذا يعد نقصاناً للأرض من أطراف اليابسة. هنالك نقصان آخر في سرعة دوران الأرض. فمنذ خلق الأرض كانت أكبر من حجمها الحالي بمئتي ضعف تقريباً، وكانت أسرع بعدة مرات.

والله تعالى أعلم.