كيف يمكن أن تفهم آية (لكم دينكم ولي دين) فهماً خاطئاً

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٦ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 قال الله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) سورة الكافرون 6

 الفهم الخاطئ عند البعض عندما يقرأ هذه الآية يعتقد أن معناها إقرار للكافرين على كفرهم، فهي ليست كذلك، ولكنها جاءت في حق الذميين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي ويدفعون الجزية.

- وهذه الآية هي عبارة عن إعلان البراءة من الكفر كله، ومفاصلة لجميع أهله.

- والإسلام بيّن لنا كيفية التعامل مع أهل الذمة سواء كانوا مسالمين أو محاربين، قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة الممتحنة: 8، 9].

- وقد ذكر الماوردي في كتابه (النكت والعيون)؛ حيث قال: {لكم دِينكم ولي دينِ} فيه وجهان: الوجه الأول: لكم دينكم الذي تعتقدونه من الكفر، ولي ديني الذي أعتقده من الإسلام. قاله يحيى بن سلام.

الوجه الثاني: لكم جزاء عملكم، ولي جزاء عملي. وهذا تهديد منه لهم، ومعناه: وكفى بجزاء عملي ثوابًا. قاله ابن عيسى. قال ابن عباس: ليس في القرآن سورة أشد لغيظ إبليس من هذه السورة؛ لأنها توحيد وبراءة من الشرك. فقوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) تمثل إعلان البراءة من كل دين غير دين الإسلام، ويقاس عليها البراءة من كل بلد أو شعب يستهزأ برسول الإسلام وبدين الإسلام.

 قال الإمام الرازي في تفسيره لهذه الآية: "فإن قيل: فهل يقال: إنه أذن لهم في الكفر؟ قلنا: كلا فإنه عليه السلام ما بعث إلا للمنع من الكفر فكيف يأذن فيه، ولكن المقصود منه أحد أمور: أحدها: أن المقصود منه التهديد، كقوله: {اِعْمَلُوا مَا شِئِتُم} [فصلت: من الآية 40]. وثانيها: كأنه يقول: إني نبي مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني فاتركوني ولا تدعوني إلى الشرك. وثالثها: {لَكُمْ دِينُكُمْ} فكونوا عليه إن كان الهلاك خيراً لكم {وَلِيُّ دِينِ} لأني لا أرفضه.

- فقد عد القرآن الكريم المستهزئين بهذا الدين كفاراً فقال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚإِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) سورة التوبة (65-66)

- وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم بأن سورة الكافرون من بدايتها إلى نهايتها وهي ست آيات نزلت لتؤكد البراءة من الشرك وأهله! فعَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ عن أبيه رضي الله عنه: "أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَوَيْتُ إِلَى فِرَاشِي؟ قَالَ: «اقْرَأْ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنْ الشِّرْكِ» رواه الترمذي

-وفي تفسير (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) قال البقاعي: "ولما كان القصد إعلامهم بالبراءة منهم من كل وجه، وأنه لا يبالي بهم بوجه لأنه محفوظ منهم، قال مؤذناً بصدق خبره تعالى آخر الكوثر من حيث إنه مع الجزم بالمنابذة لا يستطيعون له نوع مكابدة نافذة، بادئاً بالبراءة من جهته لأنها الأهم {لاَ أَعْبُدُ} أي الآن ولا في مستقبل الزمان" [نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (10/29)].

- وقال ابن الخطيب: "هذه السورة تسمى سورة البراءة وسورة الإخلاص، والمشفعة" [تفسير اللباب لابن عادل (16/471)].

- قال الشنقيطي: " {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}: هو نظير ما تقدم في سورة يونس: {أَنتُمْ بريئون مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بريء مِّمَّا تَعْمَلُون} [يونس: 41]، وكقوله: {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}" [البقرة: من الآية 139]. ليس في هذا تقريرهم على دينهم الذي هم عليه، ولكن من قبيل التهديد والوعيد كقوله: {وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [سورة الكهف: من الآية 29].

- وعليه: فعلينا إتباع ديننا ومنهج وتطبيق سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كل شؤون حياتك، ثم نصرة سنته من خلال نشرها وتبليغها للناس والدفاع عنها بكل ما أوتيت من قوة، ثم بعدم موالاة ومهادنة أعداء هذا الدين، ليعلم العالم أن خلف هذا الدين ورسول الإسلام رجال!! ولا ننجر وراء غيرنا من أهل الملل الأخرى بالتبعية والتقليد الأعمى لكل ما يصدر عنهم!!