أهلا بك، هذا ما يسمّيه العلماء بتخصيص العام، وهو أسلوبٌ معروفٌ في اللغة العربية، أي يكون هناك نصّ عام يشمل عدة أفراد، ثم يأتي نصٌّ أو لفظٌ آخر فيُفرِد بعض أفراد اللفظ العام بِحُكمٍ خاصٍّ لِحكمةٍ معيّنة.
والله -سبحانه- الذي قال: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ) "البقرة: 221"، هو سبحانه القائل في كتابه أيضاً: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ). "المائدة: 5"
ولفظة المشركات في الآية الأولى عامة تشمل اليهودية، والنصرانية، والبوذية، والمجوسية، والهندوسية، والملحدة، وغير ذلك من أنصاف الكفار، بينما لفظة "المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" خاصّة وتشمل فقط الكتابيات؛ وهنّ اليهوديات والنصرانيات.
ويُجمع بين الآيتين بحمل العام على الخاص، فيُقال إن الآية الأولى محمولةٌ على النّهي عن نكاح المشركات غير الكتابيّات، بينما الآية الثانية خاصّة بنكاح الكتابيات على وجه الخصوص فقط دون سائر المشركات إذا وُجدت الشروط المطلوبة، فالقرآن يجمع بين آياته ولا يضرب به ببعض، بل كل كلام العقلاء كذلك.