قبل اختراع أدوات الطباعة، كان الخط اليدوي من معالم شخصية الإنسان. فغالبًا ما نُعت خط الأطباء بأنه غير مقروء إلا لمن يفهمه من الصيادلة واختصاصي الأشعة، حيث أطلق على هذا الخط " خرابيش جاج". بينما كان يتوقع من معلمي اللغة العربية وممن درس اللغة العربية أن تكون خطوطهم من الخطوط المثالية أو القدوة؛ بالرغم من أنَّ هذا التعميم خاطئ، حيث قابلت الكثير منهم ممن كان خطه شبه مقبول، أو حتى أقرب لمعدوم القراءة. وأنا نفسي أخذ الخط مني الوقت الجيد ليصبح خطًّا جيدًا وجميلًا.
إذ كانت هناك العديد من العوامل التي ساهمت في تحسين خطي، حيث درست في دولة الكويت، التي أقرت كُراسة خاصة لخط النسخ في الصفوف من الصف الأول للسادس، ثم تصبح كراستي لخط النسخ والرقعة من الصف السابع وحتى العاشر (هذا الصف يسمى الثاني الثانوي). وفي حصة الخط يتم التدرب على الكراسات ضمن منظومة محددة ومعايير معينة. يتم احتساب علامات للخط، منها ما على الكراسات، ومنها في دفتر الإملاء، حيث تختار المعلمة جملة معينة علينا أن نكتبها بخط الرقعة أو النسخ أو كليهما. وكانت معلمات اللغات سواء اللغة العربية أو الإنجليزية صعبات المراس ودقيقات جدًا، حيث قمت بإحدى المرات بالكتابة على كراسة اللغة الإنجليزية -وكانت للأحرف المتصلة – بسرعة، وكان الخطأ سيئًا بالفعل، فضربتني على أصابعي بعصًا خشبية، وبكيت يومها، وهي المرة الأولى والأخيرة التي تم ضربي بها، ومن يومها أصبح خطي باللغة الإنجليزية رائعًا.
ومع اعتراضي على هذه الطريقة في تعليم الخط، وأثرها على نفس من يكتب، لكنها وللأسف أثمرت في تنظيمي لخطي وذلك بسبب عنادي وتصميمي. ومع الزمن اكتشفت العلاقة بين الخط والشخصية، حيث أن خطك يعكس العديد من خصائص شخصيتك. وبالطبع، لا يمكن تشخيص نفسك بناءً على عينة من خطك، لكنه قد يضعك على المسار الصحيح للتعلم. فمثلًا، إذا مال خطك للأعلى، فهذا يدل على مستوى عالٍ من الطموح، لكن قد يدل أحيانًا على الغطرسة. وإذا كانت أحرفك صغيرة، أو يمكن القول إنها مجهرية، فهذا يدل على الدقّة، والتركيز على الأمور الصغيرة الحياتية، والبديهية المحترفة. كما أن ذلك يدل على شخصيتك التأملية والموجهة نحو التفاصيل. قد لا تقوم بإغلاق بعض الحروف، مثل العين والصاد والغين والضاد والواو وغيرها من أحرف اللغات. هذا قد يشير إلى الميل للكسل، أو السعادة، أو أسباب أعمق للاكتئاب. أما إذا كنت تكتب لكلمات متقاربة من بعضها البعض لدرجة الاكتظاظ، فإنها تشير لحالة عقلية متسرعة، وأنك عصابي. لذا عليك مراجعة نفسك وما تشعر به. هل خط يدك يبدو فقط... لطيف؟ إذا كان وكأنه يتدفق بهدوء وجمال من قلمك، فأنت على الأرجح فرد هادئ ومريح. إذا كنت تميل لوضع قلوب بدل النقاط أو إظهار النقاط على الحروف بشكل شديد الوضوح، فإنك تميل للفت الاهتمام، وإذا لم تستطع التغلب عليها فقد تتحول لأعراض للوسواس القهري. إذا كانت كتابتك تتشتت في الصفحة وفي أنحائها فقد تكون ثرثارًا متحمسًا، وتكون صديقًا مميزًا، أو تكون دلالة على اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وخاصة إذا كانت الكتابة لا معنى لها. لو كانت كتابتك حلقية مجعدة وجميلة بنفس الوقت؛ أي تكتب بانحناءات بحروفك، فقد تكون شخصًا عاطفيًّ أو متعاطفًا وفطريًّا، حيث تركز على عواطفك أكثر من عقلك. أما إذا كانت حروفك مدببة، فقد تحمل اضطرابات داخلية، وتظهر غضبًا يصعب إدارته أو تكون شخصًا صرمًا أو غير مرن بإفراط. بينما من يكون دقيقًا ومتمركزًا بحيث تترك مسافة بدقة كما لو أنك حاسوب، فيعني أنك شديد التوتر، وتسعى بجهد للحصول على الكمال والمثالية، وتقلق بشأن كل التفاصيل، ومن ثم تشعر بالاستسلام لضغوطات الآخرين. إذا كانت حروفك كبيرة الحجم، فإنك تتمنى في سرك أن تكون مشهورًا، أو على الأقل معروفًا. هنا يُصنع القادة، والمدراء، والرؤساء التنفيذيين، والمشاهير، ونجوم الفن. ولو لاحظت أنك تكتب الملاحظات على رأس الصفحة للبطاقات والأوراق اللاصقة وعلى رؤوس صفحات الكتب، فهذا يدل على التخطيط والتنظيم. فالفوضويين والعشوائيين يكتبون في الأسفل. هل كانت كتابتك مرتبة أنيقة والآن أصبحت في فوضى مطلقة؟ قد يشير ذلك للاكتئاب وتطوير مرض عقلي، لذا حان الوقت لزيارة معالج نفسي.
[1] وحتى يصبح خطك أكثر جمالًا، على اختلاف اللغة والحروف المستخدمة، عليك اتخاذ بعض الخطوات التي تمكنك من تحسينه، مع ملاحظة أنني قد استخدمت بعض هذه الخطوات، وفعلًا أظهرت نجاعتها:
* اختر نمطك: يمكنك اختيار الخط الذي ترغب تعلمه، كالرقعة والنسخ في اللغة العربية، أو الحروف المتصلة أو المنفصلة في اللغات الأجنبية. حيث يمكن التعامل مع أشكال الحروف بنفس العناية والاحترام مثل الصور المرسومة.
* اختر القلم الصحيح: يميل من له خط جميل باستخدام قلام محددة. وأغلبها تكون من القلام السائلة أو ذات المداد. يمكنك استخدام أقلام التخطيط الخاصة، والابتعاد عن أقلام الحبر الجافة فهي تميل إلى عدم تنظيم أو إظهار الحروف الجميلة.
* تدرب باستمرار. إذا كنت تتطلع إلى تحسين فن الخط الخاص بك، يمكنك التدرب على الكتابة على الورق المسطر كنقطة انطلاق. يمكنك التدرب على الكتابة باستخدام كراسة خط اليد، على الرغم من أن أبسط شكل من أشكال ممارسة الكتابة اليدوية هو ببساطة كتابة عينة صغيرة، مع التركيز على جملة واحدة في كل مرة.
*استخدم القبضة المناسبة: يكتب معظم الناس عن طريق التلاعب بأصابعهم، وهو ما يسميه البعض "برسم" الحروف. يستخدم الخطاطون أذرعهم وأكتافهم أثناء الكتابة، مما يسهل تدفق الكلمات والأحرف بشكل أفضل وبالتالي تصبح الكتابة اليدوية الأقل تقطعًا. امسك القلم بطريقة صحيحة، وإن لم تستطع خذ الوضعية التي تناسبك وتكتب بالطريقة التي تريحك.
* خذ فصلًا رسميًا للخط: قد تجد بعض الزملاء أو الأساتذة الذين يمكنهم مساعدتك بذلك، كما يمكنك العمل من خلال تقليد الخطوط من دروس عبر الإنترنت.
*ادرس الأبجدية المتصلة: قد تكون مشكلتك بكيفية دمج الأحرف مع بعضها ووصلها مع بعضها البعض. تدرب على طريقة الاتصال من خلال كراسات الخط أو تعلم الأقران. ابحث عن مواقع الويب التي تحتوي على دروس تعليمية وأوراق تدريب قابلة للطباعة، حتى أن البعض لديه رسوم متحركة لضربات القلم المستخدمة في تكوين كل حرف.
* جرب "الكتابة على الهواء". قد تشعر بالسخافة عند القيام بذلك، لكنه سيساعدك على إعادة تدريب عضلاتك. افترض أنك تكتب حروفًا كبيرة على السبورة ستعمل بشكل طبيعي حركة دوران الكتف والساعد لبناء الحروف الخاصة بك. عندما تصبح أكثر كفاءة في الكتابة الهوائية، قلل من حجم الحروف غير المرئية وافترض الموضع الذي ستتخذه لوضع القلم على الورق. ركز على استخدام يدك وكتفك وذراعك وليس أصابعك.
* ابدأ ببطء: الكتابة الخطية تدور حول الكتابة بشكل أسرع عن طريق تقليل مصاعد الأقلام، ولكن ابدأ بالتدرب على تكوين كل حرف ووصلة بشكل متعمد ودقيق. التقط السرعة فقط وأنت تتقن النموذج. فكر في كتابتك على أنها فن.
* خذ وقتك: في الخط يتطلب كل حرف رفع قلم واحد أو أكثر. أثناء انتقالك إلى التدرب على ممارسة الحروف، ركز على كل حركة تقوم بها لتشكيل الحرف. ضع كل قطعة من اللغز في مكانها، ثم اجمع لغزك وأكمل مخطوطتك.
[2] المصادر: