تترك الصعوبات والمشاكل التي نواجهها في مرحلة الطغولة أثراً في نفوس الأشخاص أكثر من المشاكل والصعوبات التي يواججها في أي مرحلة أخرى والسبب في ذلك أن إدراك الطفل ووعيه لم يصلا إلى مرحلة النضج بعد، والطفل لا يتمتع بعد بالقدرة على تحليل الأمور، لذلك عندما يواجه مشكلة أو صعوبة تفوق قدراته تخالجه مشاعر شديدة تجاه المشكلة ، ومع مرور الوقت تزول المشكلة لكن يبقى الأثر لأن الطفل ما زال يتذكر مشاعره في تلك الفترة وليس المشكلة نفسها، لأن هذه الصعوبات لو واجهها شخص بالغ لن يتعامل معها كما يتعامل الطفل وسيكون قادراً على تجاوزها بشكا أكثر سلاسة، لكن افتقار الطفل إلى النضج الكافي لتحليل الأمور هو ما يجعل الأثر يبدو عميقاً.
إليك بعض الأمور التي تساعدك كشخص بالغ على تجاوز ما مررت به من صعوبات واستغلالها لصالحنا بدلاً من التفكير الدائم بها والشعور بالإحباط بسببها :
1. إحتواء مشاعرك واستيعابها : تختلف مشاعرنا نحو صدمات أو صعوبات الطفولة التي نتعرض لها من شخص لآخر ، قم بتحديد مشاعرك نحو هذه الصدمات ، هل هي غضب، حزن، خوف، شفقة ... الخ ، فكل شعور له طريقة مختلفة للإحتواء لكن بشكل عام الأمر المشترك بينها جميعاً هو أن المشاكل والصعوبات هذه زالت وانتهت وما يؤثر عليك حالياً ليست هي، بل تفكيرك الدائم بها .
2. توقف عن لوم نفسك أو الآخرين : من أسهل الأشياء التي يقوم الاشخاص بفعلها او وأول الأشياء التي يلجأون إلى فعلها هي إلقاء اللوم على أنفسهم أو على الآخرين، ومما لا شك فيه أن إلقاء اللوم يملأ الاشخاص بالمشاعر السلبية ولا يحل الامر أبداً، وعليك أن تتذكر دائماً أنك كنت طفل وهذا يعني أنه حتى لو أردت أن تغير الواقع فأنت لا تمتلك القوة والنضج الكافيين لفعل هذا، لذلك توقف عن اللوم والأمر الاهم ان هذه الصعوبات هي التي شكلت شخصيتك الان وما انت عليه الان هو وليد هذه الظروف الصعبة لذلك يمكن ان تفكر بالامر بطريقة ايجابية، بدلاً من الشفقة وإلقاء اللوم ذكر نفسك دائماً انك تجاوزت هذه الظروف وخرجت منها وأكملت حياتك، لا تجعلها تفسد حياتك كما تشعر أنها ألإسدت طفولتك.
3. تذكر اللحظات السعيدة : رغم الصعوبات التي نواجهها لا بد أن هناك بعض الامور التي تترك داخلنا أثراً جميلاً مهما كانت بسيطة،ربما لعبة او كلمة قالها أحدهم أو رحلة أو مشوار كنت تحبهم ، أصدقاء كنت تعرفهم وغيرها من الامور التي تجعلك تدرك أن كل الصعوبات يتخللها امور جيدة أحياناً وهي أيضاً من الامور التي لها سبب فيما انت عليه اليوم وليس الصعوبات فقط .
4. قم بعمل شيء يشعرك بالرضا عن نفسك : كاتباع وظيفة تحبها مثلاً، فالانجاز يشعل تشعرك انك لست شخص سهل الاستسلام بل انت تقوم بأمر يساعدك على تغيير وضعك للأفضل وكأنك تدين بهذا لنفسك ، فإذا لم تكن قادراً على مساعدة نفسك أثناء الطفولة فأنت قادر عليها الان ، قادر على مساعدة نفسك ومساعدة الآخرين ومساعدة اولادك في حال كنت متزوج وتمتلك أبناء، حمايتهم بحد ذاتها هي إنجاز يجب ان تفخر به .
5. الحنية والعطف على الاطفال : معاملة الاطفال بحنان والعطف عليهم والتعاطف معهم يساعدك على تعويض المفقةد من هذا الشعور وأن يملأ الفراغ مكان هذا الشعور، فالشخص الذي افتقر شعوراً معيناً أثناء مرحلة الطفولة عندما يمنحه للآخرين يكون بذلك قد قام بتغذية نفسه من هذا الشعور أيضاً .
الحياة دائمة التقلّب، وما نمر به بهذه الحياة يعبر عنا بشكل أو بآخر وأنا من الاشخاص الذين يفخرون بالصعوبات والمشاكل التي قمت بتجاوزها لأنها تجعلني اعلم أنني شخص قوي لا ينكسر بسهولة ويمكن الاعتماد عليه، علينا أن ننظر دائماً لنص الكأس الممتلئ وليس النصف الفارغ حتى لا نتوقف عند مشاكل في الماضي انتهت لكننا اخترنا ان نجعلها تؤرقنا دائماً.