اختلفت أحواله عليه الصلاة والسلام بحسب مرحلته العمرية التي كان فيها قبل بعثته :
فكما هو معلوم ولد نبينا يتيماً ، ثم أرضعته حليمة السعدية ونشأ في قبيلتها حتى بلغ 3 سنوات ، ثم كان في حجر أمه حتى توفيت وعمره 6 سنوات ثم صار إلى كفالة جده حتى توفي وعمره 8 سنوات ، ثم صار إلى كفالة عمه أبي طالب حتى شب وكبر واستقل بنفسه .
وفي سنوات عمره هذه كان ربه يحميه ويحفظه ويصنعه على عينه سبحانه كما قال تعالى ( ألم يجدك يتيماً فآوى ) ، فقذف حبه في قلب من حوله .
ولما صار إلى عمه ساعد عمه برعاية الغنم لأهل مكة على قراريط ، وخرج مع عمه في التجارة إلى بلاد الشام ولم يبلغها ، وشارك مع قبيلته في حرب الفجار وكان يبري لهم النبل فيها .
وهذا كله ولا شك ساعد في صقل شخصيته عليه السلام وتربيته سواء على الهدوء والصبر برعي الغنم أو التجارة ومخالطة الناس أو الحرب والشجاعة .
وصانه الله في شبابه عن الله كما روي في السيرة أنه أراد مرة أن يحضر عرساً لقومه فيه لهو وطرب فأنزل الله عليه النوم فلم يحضر ولم يستيقظ إلا من حر الشمس .
ولما كبر نبينا عليه السلام واستقل بنفسه كان صاحب خلق عظيم وسمت جعل قريشاً كلها تطلق عليه لقب " الصادق الأمين " ، فهذا مما اشتهر عنه وهو معروف في سيرته عليه السلام ، وعمل في التجارة حتى استدعته خديجة رضي الله عنها للعمل في تجارتها فكان نعم التاجر الأمين ، فتزوجته بعد ذلك عليه السلام .
وكان من خلقه وصدقه ومعرفة قريش بأمانته وعدله أنهم لما اختلفوا على وضع الحجر الأسود في الكعبة لما بنوها وكادوا يقتتلون على ذلك ، ثم اتفقوا على تحكيم أحدهم فدخل رسول الله من الباب الذي رضوا أول من يدخل منه حكماً بينهم فرحوا وقالوا رضينا بالصادق الأمين ، وحل النزاع في القصة المشهورة .
وكان أيضا عليه السلام مع أعمامه في حلف المطيبين الذي اتفق فيه بعض رجالات قريش ألا يظلم رجل في مكة إلا أخذوا بحقه .
فهذه نبذة عن خلقه وأمانته ومشاركته قومه في الحق .
أما عن أحواله الدينية فلم يسجد نبينا لصنم ولم يعبد صنمأً بل كان بريئا بعيداً عن شركهم وكفرهم وإن لم يكن ينكر عليهم ذلك قبل بعثته ولم يكن عنده تفصيل معرفة التوحيد ، ولكنه كان حنيفياً تقريباً فهو مؤمن بوجود الله وربوبيته غير قانع ولا مقر بشرك قومه وأصنامهم فكان مجتنباً لهم في ذلك .
وكان عليه السلام مجتنباً خمرهم وفحشهم وظلمهم لا يشاركهم في شيء من ذلك وإن لم ينكر عليهم شرب الخمر وقتها .
ثم لما أراد الله اصطفاءه بالنبوة ، حبب إليه الخلوة في أول أمره فكان يتخلى في غار حراء يتعبد ولكن لم يكن هناك شكل معروف محدد لعبادته ولعلها كانت عبارة عن التفكر في ملكوت الله وصنعه ، وكان هذا حاله حتى أتاه اليقين ونزل عليه جبريل الأمين لتبدأ نبته عليه السلام .
والخلاصة : أن نبينا رباه ربه أحسن تربية ، فكان مجتنباً للشرك والفحش والظلم والمعصية ، صاحب خلق وأمانة وصدق وتأله ، مشاركاً قومه في الحق والعدل مجانباً لهم في الشرك والظلم ، حتى أتاه اليقين.
والله أعلم