كيف سرقت لوحة الموناليزا؟ ومن سرقها؟

1 إجابات
profile/مغيداء-التميمي
م.غيداء التميمي
مهندس مدني
.
١٩ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لوحة الموناليزا قدرت بملايين الدولارات من إبداع الرسام ليوناردو دافنشي، وكادت تكون سببا لقطع العلاقات بين دولتين أوروبيتين كبيرتين، وهي لوحة تجسد صورة امرأة ذات ابتسامة غامضة جذبت الملايين من الناس حول العالم.

سأخبركم كيف وصلت الى متحف اللوفر، وكيف حاولوا سرقتها، وكيف وعادت مرة أخرى لتتحف ملايين الزوار حول العالم .

هي من أشهر الأعمال الفنية في العالم، رسمها ليوناردو دافنشي ما بين سنتي 1503 و 1506، يذكر ان تلك اللوحة ظلت صامدة لأكثر من خمسمائة عام، كما تم إزالة إطارها الأصلي، و بذلت جهودا كبيرة لمنع اللوحة من الالتواء، رغم أنه تم تبديل العديد من الإطارات للوحة ذاتها، إلا أن الإطار الذي وضع عام 1909، هو ما ظل خالدا إلى يومنا هذا مع القليل من التعديلات في إطار عمليات الصيانة الدورية الداخلية داخل متحف اللوفر الفرنسي، المعروف على مستوى العالم، كما تم إخضاع اللوحة الى العديد من عمليات التنظيف و إعادة الطلاء قبل جولتها ما بين سنتي 1962 و 1963، حيث تم تقييم اللوحة كواحدة من أغلى اللوحات الموجودة آنذاك، بقيمة مائة مليون دولار، ما يعادل سبعين مليون دولار في الوقت الحالي.

ولا بد من الإشارة الى أن لوحة الموناليزا موجودة في متحف اللوفر الذي افتتح في العاشر من تشرين الأول عام 1793 في العاصمة الفرنسية باريس، ولم يكن وضع الأمن والحماية والحراسة حينها كما هو عليه اليوم، حيث لم تكن هناك إجراءات أمنية مقفلة ولا أجهزة إنذار، كما تواجد عدد قليل من الحراس في المكان، وفي ذلك الوقت لم تكن الموناليزا ذات قيمة مادية كبيرة، فقد كانت مجرد لوحة معلقة بين لوحتين أخرتين من روائع ذلك الزمن، اللوحة الأولى هي "لوحة الزواج الصوفي" واللوحة الثانية هي لوحة "تيتان اليجور الفونسو دافالوس" كما كان هناك أعمال تخريبية كثيرة في ذلك الوقت، مما جعل عمال المتحف يقومون بتصميم علب زجاجية لبعض الأعمال الفنية، بما في ذلك الموناليزا.

وقد تطلب بناء علب الزجاج وقتا طويلا، وكان لا بد من إزالة اللوحات من الجدار، وسمح لمصوري المتحف بنقل الألواح إلى استوديوهاتهم وأحد هؤلاء كان اسمه فينتيشينزو بيروجيا، وهو حرفي إيطالي مهاجر، وعمل في متحف اللوفر ما بين سنتي 1908 و 1911، وبحلول صباح الواحد والعشرين من تشرين الأول عام 1911، دخل فينتيشينزو المتحف مرتديا زي عامل، ثم اختبأ هناك وخرج في صباح اليوم التالي، وذهب بسرعة الى صالون كاري في اللوفر،حيث كانت توجد لوحة الموناليزا، رفع اللوحة الزجاجية من الحائط، وشق طريقه من أمام الحارس النائم الى الدرج ومعه اللوحة، أدار مقبض الباب و خرج من المتحف، ثم ركب الحافلة وأخذ اللوحة الى شقته على بعد مسافة قصيرة، حيث احتفظ بها لسنتين كاملتين، ولم يلاحظ أحد أن اللوحة قد فقت من المتحف حتى اليوم التالي، حين وصل الرسام لويس بيردو الى المتحف، لتقليد رسم الموناليزا، وكان كل ما وجده هو الأربع خطافات المعدنية التي كانت اللوحة معلقة عليها، فظن أن العمال يصلحون شيئا ما في اللوحة، إلا أنه و بعد مرور يوم كامل، سأل الرسام أحد العاملين عن موعد إرجاع اللوحة الى مكانها، وحينها، أدرك المسؤولون عن المتحف أن الموناليزا قد سرقت، ولم يملك أحد أدنى فكرة عن من قام بسرقتها.

تم إغلاق المتحف لمدة أسبوع، حيث غطت الشرطة مسرح الجريمة، وعند إعادة فتحه، كان هناك العديد من الناس الذين يريدون رؤية المكان حيث كانت الموناليزا معلقة، فقد تهافت آلاف الأشخاص لرؤية المكان الخالي على الحائط، وهو عدد من الزوار أكبر حتى مما كانوا يزورون المتحف عندما كانت اللوحة هناك، فبين عشية و ضحاها، أصبحت الموناليزا لوحة مشهورة دوليا، وبالعودة الى الإيطالي الذي سرق اللوحة، فبعد إحضاره إياها الى شقته، ووضعها في الخزانة، ومن ثم في المطبخ ليخرجها كل يوم عند الفطور، ليرى عظمة رسام بلده.

استجوبت الشرطة جميع موظفي المتحف، فقد كانت الشرطة الفرنسية تبحث بجنون عن مشتبه به، وما لم يكونو على دراية به هو أن السارق كان مستاء بشدة من دولة فرنسا، معتقدا أن كل المتاحف الفرنسية قد سرقت روائع النهضة الإيطالية، بما في ذلك الموناليزا التي سرقت من إيطاليا خلال غزو نابليون، ولكنه يجهل أنه كان على خطأ، ففي الواقع، أن ليوناردو دافنشي قد باع بنفسه اللوحة بعد الانتهاء منها الى الملك فرنسوا الأول الفرنسي.

وكان أحد المشتبه بهم خلال التحقيق الرسام بابلو بيكاسو، لأنه كان يستخدم تماثيل مسروقة من متحف اللوفر نماذج لرسوماته، ولكن الشرطة لم تتوصل إلى أي دليل ضده، فتم إطلاق سراحه، فعرضت الحكومة من خلال منشورات وزعت على الناس،  مكافأة مالية على من يجد اللوحة المسروقة، الا أن كل هذه الجهود لم تسفر عن شيء رغم أن المتحف استرد بعض المسروقات سابقا.

بعد مرور عامين، ظن المسؤولون أنهم لن يروا اللوحة مجددا، وفي شهر كانون الأول من عام 1913، اتصل السارق بتاجر التحف الفرنسي ألفريدو جيري، عبر رسالة مشفرة يقول فيها، أنه يملك العمل المسروق لليوناردو دافنشي، التقيا و طلب بيروجيا ما يقدر الآن بمبلغ نصف مليون يورو، واشترط أن يتم تعليقها في متحف أوفيزي الايطالي  وأن لا يتم إعادتها إلى فرنسا مرة أخرى .

وتم التواصل مع مدير متحف أوفيزي، وعقدوا اجتماعا في ميلان للتأكد من أن اللوحة الأصلية،  ومن هناك تم الاتصال بالشرطة الإيطالية، ثم تم اغتيال بروجيا السارق، وتم عرض اللوحة في جميع أنحاء ايطاليا، ثم أعيدت الى اللوفر عام 1913.

كان هدف السارق أساسا استرداد ممتلكات وطنه وإعادة اللوحة الى ايطاليا وكان يتوقع أن يشاد به على أنه بطل ايطالي قومي، رغم انه كان مجرد عامل طلاء منازل وبناء و رسام، وكان قد عمل لفترة وجيزة في شركة قطع زجاج تزود متحف اللوفر، وكان يتعرض للتنمر من قبل زملائه الفرنسيون في العمل، وسخروا من جنسيته باستمرار واصفينه بالمعكرونة وهي احدى الوجبات المشهورة في إيطاليا.

ونظرا الى أنه كان أحد عمال الزجاج في متحف اللوفر، فقد كانت الشرطة قد استجوبته في شقته، وقد استطاع أن يثبت أنه كان يعمل في مكان آخر يوم حادث السرقة، ولم يعلم الشرطة أن الموناليزا كانت في شقته خلال بحثهم عنها.