مخلص خطة النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة إلى المدينة المنورة كانت تقوم على ما يلي:
1. الخروج من منزله وقت الظهيرة وهو وقت القيلولة عند قريش فلا يراه أحد.
2.الاتجاه إلى جهة جنوب مكة عكس اتجاه المدينة المنورة التي تقع شمال مكة، لأنه كان من المتوقع أن تبحث عنه قريش باتجاه المدينة المنورة.
3. المكوث في غار ثورة مدة 3 أيام حتى يخف الطلب وبحث قريش عن الرسول وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه.
4.كان عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه يمكث في مكة نهاراً يجلب لهم أخبار قريش وما تمكر به وتدبر ثم يبيت عندهم ليلاً فيأتيهم بالأخبار ويجلب لهم ما أمكن من طعام، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يمر بغنمه على آثار عبد الله بن أبي بكر فيطمسها ويمحوها ويروح عليهم باللبن يتقوون به.
5. وبعد ثلاثة أيام واعدوا عبد الله بن أبي أريقط وكان دليلاً خبيراً بالطرق ليلاقيهم بناقتيهم، ثم سلكوا طريق الساحل إلى المدينة المنورة ولم يسلكوا الطريق المعهودة بين مكة والمدينة مباشرة.
فالنبي أخذ بكل الأسباب المادية التي يمكن أن يأخذها في طريق هجرته في المدينة المنورة بل لعل بعض ما أخذه من أسباب لم يكن ليخطر على بال كثير منا!
ولكن مع كل هذه الأسباب وصل الكفار إلى باب غار ثور الذي اختبأ فيه النبي عليه السلام مع صاحبه ، حتى قال أبو بكر : لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا!
فجاء الجواب النبوي : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا!
فحفظهم الله من الكفار وأعمى أبصارهم ولم ينظروا أو يفتشوا في الغار وروي في بعض الروايات الضعيفة أنهم رأوا نسيح عنكبوت على فم الغار فاستبعدوا وجود النبي داخل الغار!
وفي طريقهم إلى المدينة لحقهم سراقة بن مالك وهو يريد أسرهم أو قتلهم طمعاً في الجائزة التي وضعتها قريش ، ولكن الله حفظهم بحفظه فساخت قوائم فرسه في الرمل ، ودفع الله شرهم عنه، بل أسلم وصار يدفع عن النبي عليه السلام!
وفي هذا درس لنا أن أعظم سبب يتخذه الإنسان هو التوكل على الله وحسن الظن به مع عدم إغفال الأخذ بالأسباب المادية التي هي جزء من سنن هذا الكون.
والله أعلم