تتحقق الكفاءة في القراءة بتوافر عوامل عدة؛ بيئية ونفسية وفكرية وعقلية وجسدية، وعوامل أخرى اجتماعية، وهذه العوامل مجتمعة، لا تحقق كفاءة القراءة فحسب، بل توفر للقارئ بيئة مناسبة لجعل القراءة عنصرًا مهمًا في حياته.
1. العوامل البيئية: يقصد بالعامل البيئي؛ البيئة التي يتم القراءة ضمنها والتي تراعي عوامل عدة، وأهمها:
- الشعور بالأمن:
لا بد أن تتوافر في المنطقة التي يتم القراءة فيها كل مسببات الأمن؛ بحيث لا يشعر الشخص في أثناء القراءة بنوع من أنواع الخوف؛ فيفقد القدرة على الاستمرار، فالقراءة على حافة منحدر قد تكون سببًا في الخوف، وجعلها دون أي نتيجة أو فائدة، أو القراءة بجانب مقبرة مثلا، أو القراءة أمام بحر هائج، أو القراءة في أجواء عاصفة قوية، كلها عوامل تثير مشاعر الخوف، وتجعل فوائد القراءة قليلة. إذًا، لا بد أن تكون البيئة آمنة توفر قدرًا من الهدوء، ويفضل أن تكون مطلة على منظر مريح للعين وللنفس، ويمكن تخصيص هذا المكان في أحد أركان المنزل أو الحديقة الخارجية.
- عدم وجود المشتتات:
في البيئة الآمنة، لا بد أن يتم التخلص من المشتتات العقلية والعاطفية والفكرية كافة؛ حتى تكون القراءة بكفاءة. ويجب أن تكون الأصوات خافتة أو معدومة قدر الإمكان، ويمكن استخدام وسائل العزل الصوتي؛ بحيث تكون مشتتات الأصوات في أقل قدر ممكن، والتخلص كذلك من الأمور كافة التي قد تستحضر الذكريات العاطفية من صور وهدايا وغيرها؛ لأن مثل هذه الأشياء تعمل على فقدان القدرة على القراءة وانشغال العقل بها، ويجب التخلص من بعض الأمور المحببة لدى القارئ من أدوات شخصية، قد تستخدم بشكل سهل في أثناء القراءة من مثل الألعاب اليديوية أو الأجهزة الإلكترونية أو الهواتف النقالة وغيرها.
- توافر الضوء المناسب:
توفير ضوء مناسب، ويُعتمد غالبًا بقدر كبير على إضاءة الشمس في النهار، والنور المراعي للانعكاسات في المساء، وهذا أمر مهم حتى لا يكون هنالك إجهاد على الأعين؛ يؤدي إلى حدوث صداع يوقف القراءة ويعطلها، ويجعلها تستمر بطريقة سلبية من دون فائدة، فوجود خلل عضوي سبب في فقدان القدرة على اكتساب المعلومة، وقد ينُظر لهذا العامل بقدر من الاستخفاف، ولكن القارئ المحب للقراءة والمستمتع بهذه التجرية، يعلم أهمية إيجاد ضوء مناسب؛ حيث إن القراءة تحتاج للمجهود الجسدي والفكري، وفي حال وجود خلل جسدي مثل الصداع والإرهاق، ستكون القراءة في أقل مستوى لها.
2. العوامل النفسية: لا بد أن يتمتع الإنسان بقدر من الراحة والأمان النفسي حتى يكون قادر على أن يأخذ من القراءة ما يحتاجه، فجود الاضطرابات النفسية بمستوياتها العالية تجعل من القراءة بلا جدوى.
ومن أهم الاضطرابات التي تؤثر في القراءة: اليأس والحزن، والاكتئاب، والتوتر والقلق المستمر.
وإن أهم العوامل التي تحدث هذه الاضطرابات: وجود صراعات أسرية، أو خلافات زوجية، أو اضطرابات اجتماعية مختلفة.
3. العوامل الفكرية: ما لدى الشخص من بنية معرفية وسمات شخصية فكرية قد تجعل من القراءة؛ إما في المستوى المطلوب والإيجابي، أو في المستوى غير المطلوب والسلبي.
وما يجعل القراءة في المستوى المطلوب والإيجابي ضمن العامل الفكري ما يلي:
- وجود التقبل والاختلاف والاعتراف بالتنوع بأشكاله كافة.
- وجود مهارات عليا من مثل الفهم والاستيعاب والتحليل والتقييم والتركيب والاستنتاج والاستنباط.
- وجود أساس معرفي سابق يبنى عليه.
إذًا، فمراعاة نوع القراءة والتدرج فيها بحيث تراعي الخلفية الفكرية مهم لتحقيق الكفاءة؛ بحيث لا يشعر الشخص بأنه يقرأ سرابًا لا فائدة مرجوة منه.
أما ما يجعل القراءة بالمستوى غير المطلوب والسلبي على المستوى الفكري فهي ما يأتي:
- عدم مراعاة القدرات العقلية والفكرية واختيار موضوعات بحاجة لمرجعيات سابقة بحيث تكون القراءة بعيدة عن النظام البنائي الفكري للشخص.
- التحيز والبحث عن القراءات التي تلبي ما لدى الشخص من توجهات وميول ورفض كل ما يعارضه.
4. العوامل الجسدية: إن امتلاك النضوج العقلي مهم ومطلوب؛ لتكون القراءة بكفاءة، ففي حال عدم وجود النضوج العلقي، أو وجود بعض الاختلالات العضوية في أعضاء الجسد وخاصة بما يتعلق بالدماغ والمخ والعقل، ستكونُ القراءة بلا كفاءة أو فائدة.
5. العوامل الاجتماعية: ففقدان المهارة في نقل أثر القراءة من النفس للمجتمع، وأخذ الأثر من المجتمع ونقله إلى القراءة من خلال وجود الحوارات والمناقشات في موضوعات الكتب التي يتم قراءتها، يجعل من القراءة فاقدة للكفاءة المرجوة والمطلوبة، وعليه فإن وجود العامل الاجتماعي وما فيه من تفاعلات ضمن المجال الثقافي سببٌ في جعل القراءة ذات كفاءة وفائدة.
337 مشاهدة
