إذا كنت من محبين التاريخ، و الآثار المرتبطة بالبشرية ومراحل تطور الانسان عبر الزمن بالتأكيد سوف يراودك هذا السؤال، و تحديداً عندما تتعمق في أحد الكهوف التي عاش بها اسلافنا، وتتفاجأ من وجود رسومات تعود الى الآلاف السنين خطتها أيادي بشرية كانت ارواحها تلامس الأرض في يوم من الايام.
بدايةً عُرف العصر الحجري بأنه فترة من عصر ما قبل التاريخ، حيث عاش خلاله الإنسان وبدأت من خلاله رحلته لاكتشاف الأرض، وصناعة أدوات من أنواع عديدة من المواد كالحجارة، و الأخشاب ليستعملها للتكيف مع بيئته المحيطة، و تمكنه من اكتشاف الكون المحيط به، و كوسيلة للتواصل، و ترجمة ما يشعر خلال أحداث يومه، و التفاصيل التي تراها عيناه في هذا الكون الشسيع فقد استعمل الإنسان الحجري الفن وتحديداً الرسم قبل الكتابة، مثل الطفل الذي خلق على فطرته، و تلقائية روحه حيث استعمل الرسم كالغة للتعبير بصورة صادقة نابعة من الفطرة الإنسانية التي تعكس إنفعالاته، و تصوراته و ما تراه عيناه، و تترجمها يداه على حائط كهفه المعتم.
قام الإنسان في العصر الحجري برسم العديد من التفاصيل على جدران الكهوف التي تعكس تصوراته و الكائنات التي تعيش، و تتعايش معه، و لعل أبرزها طبعات يداه على الجدران و رسومات الحيوانات مثل الماموث و غيرها، حيث نسبت أعماله في الوقت الحاضر تحت مسمى نوع من أنواع الفنون يدعى الفن البدائي، وهو فن ينسب للشعوب البدائية في الماضي أو الشعوب التي تعيش في حالة بدائية في العصر الحديث.
ان كل نوع من انواع الفنون يعكس حضارة الجماعات التي انشأته، و ليس مجرد مهارة من قبل الفنان، فهو يعكس أسلوب معيشتهم، و معتقداتهم، و تصوراتهم، و دوافعهم التي تتجسد على شكل لوحات فنية أو اعمال فنية، بحيث ان اللوحات الفنية تجسد خطوطهم و الالوانهم و تمكنهم من التعبير عن افكارهم، وهذا التصور ينطبق على الإنسان الحجري حيث انه كان مولع برسم الحيوانات على جدران الكهوف و لعل أبرزها الخيول فما هو السبب وراء هذا الولع؟
اظهرت الدراسات بأن رسوم الاحصنة لدى الإنسان البدائي كانت دلالة على رمزية هذا الحيوان حيث أنهم كانو يرسمونه في اماكن لافتة، وفي مناطق عالية و مرئية، دلالة على رمزية هذا الحيوان ووجوده على القمة فوق جميع الأنواع الأخرى، حيث وصفت تخمينات العلماء بأن رسم الحيوانات عند الانسان البدائي كان وراءه معتقد بأنه حين يرسمها فأنه يصطاد روحها مما يسهل عليه عملية صيدها او رغبته في اظهار احترامه للطبيعة.
من وجهة نظري، ان الفنون و تحديداً الرسم هو من افضل الطرق للتواصل، و التعبير عن المشاعر اللامرئية للإنسان، و ما تلامسه حواسه من تعبيرات مرئية، فهو بكل بساطة موهبة فطرية يمتلكها الإنسان منذ الخليقة، و تميزه عن سائر الكائنات ليستطيع من خلالها نقش روحه في الكون ليعبر بها عبر مختلف الأزمان.