كيف أكتب خطبة عن حب الوطن لألقيها يوم الجمعة

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٨ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأحسنهم محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد

- إن الوطن هو الأم التي تحتوي صغارها، ونحن لسنا إلا أبناء هذه الأم، وما يقع على الأبناء هو حب الأم وحمايتها.

- إخوتي في الله:
- إن حب الوطن من الإيمان، وكانَ الرسول صلى الله عليه وسلم يُحبُّ مَكةَ حُباً شَديداً، وعندما هاجرَ إلى المدينةِ واستَوطَنَ بِهَا أَحبَّهَا وأَلِفَهَا كمَا أَحبَّ مَكةَ، بلْ كَانَ صَلى اللهُ عليه وسلم يَدعُو أَنْ يَرْزُقَهُ اللهَ حُبَّها كمَا في "صحيحِ البخاريِّ ومسلمٍ": "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ"، ودعَا عليه الصلاةُ والسلامُ بالبركةِ فيها وفي رِزقِهَا كمَا دعَا إبراهيمُ عليه السلامُ لِمَكةَ.

- وكانَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إذَا خَرجَ مِنَ المدينةِ لِغزوَةٍ أَو نَحوِهَا تَحَرَّكتْ نَفسُهُ إليهَا؛ فعَن أَنسِ بنِ مَالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ -أي أَسْرَعَ بِهَا-، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا".. رواهُ البُخاريُّ. قالَ ابنُ حَجرٍ في "الفَتحِ": "فيهِ دَلَالَةٌ علَى فَضلِ المدينةِ وعلَى مَشروعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والحَنينِ إليهِ".

وقالَ الحافظُ الذهبيُّ: مُعَدِّدًا طائفةً منْ مَحبُوباتِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "وكانَ يُحِبُّ عَائشةَ، ويُحبُّ أَبَاهَا، ويُحِبُّ أسامةَ، ويُحِبُّ سِبْطَيْهِ، ويُحِبُّ الحَلواءَ والعَسَلَ، ويُحِبُّ جَبَلَ أُحُدٍ، ويُحِبُّ وَطَنَهُ"

- عباد الله:
- إن الوطن هو أغلى ما يملك الإنسان بعد روحه، بل إنه أغلى من الروح، ففيه مَهدُ صِباهُ ومَرتعُ طُفُولَتِهِ، وعيش كُهُولَتِهِ، ومخزن ذِكرَيَاتِهِ، ومَوطِنُ آبَائِهِ وأَجدَادِهِ، ومَأوَى أَبنَائِهِ وأَحفَادِهِ، وفيه تستريح نفسه، ويرتاح فؤاده، ويغمره الأمان فيبني الأحلام، وما من مخلوق إلا ويعتز بوطنه ويفخر به، حتى الحيوانات تدافع عن موطنها ومملكتها، وتحن له إن غابت عنه ومهما تجوب وتدور إلا أنها تعود له في النهاية كما يعود الطفل إلى أمه.

- وإن حب الوطن يطغى على أي حب؛ فما الذي يجعل الناس يتعلقون بمواطنهم شديدة الحرارة كالصحراء، وقارسة البرودة كالقطب إلا حبهم لوطنهم! وما الذي يجعل الجنود يقفون عند الحدود مبتعدين عن أحبابهم مفارقين لعائلاتهم، وكل أحدهم يتوق لرؤية والديه وأبناءه، غلا أنه يؤثر حب الوطن عن سواه فيحرسه ليل نهار ويكون درعا له من الأخطار.

- فحب الوطن فطرة فطر الله تعالى الناس عليها، صغيرا وكبيرا، ذكرا كان أو أنثى، ولا يكون الحب حبا إلا إذا ظهر على الفرد فالمجتمع، فإن المحب لوطنه لا يسلبه أمواله بالسرقة، ولا يعتدي عليه ولا يشوه سمعته، بل يسعى ليكون وطنه أفضل الأوطان ويفديه بروحه ويجاهد ليبقى موطنه آمنا، ولا يرضى ببيعه مهما كلفه ذلك.

- اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا وهيأ له البطانة الصالحة التي تعينه على الخير، الهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره وأجعل تدبيره تدميرا يا سميع الدعاء، اللهم وأن تعصم دماء المسلمين وأموالهم وأن تجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن تصرف عنهم شرارهم وجميع بلاد المسلمين.

-اللهم كما غسلت البلاد بالمطر اغسل قلوب الحاقدين على هذا الوطن، أو أغرقهم بطوفان من عندك تريح به البلاد والعباد. اللهم اجعلها تمر بردا وسلاما على وطني واحفظنا من شر الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظ ديننا ووطنا وقادتنا وشعبنا. اللهم جنب وطني الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم رد كيد الكائدين ورد شماتة الخائنين. 

- وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.