أولاً : اعلم أن الهداية بيد الله تعالى وحده هو الذي يفتح قلب من يشاء من عباده وينور بصيرته كما قال تعالى " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام " ، وقال تعالى لنبيه عليه السلام " إنك لا تهدي من أحببت " .
وأنت دورك أن تبين وتوضح الحق والصواب وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتنصح فمن استجاب فالحمد لله ، ومن لم يستجب فأمره إلى الله .
ثانياً : بعض الناس يكون قلبه مقتنع بالحق ومقر به ولكنه يجاحد ويعاند بالباطل كبراً وهوى وشهوة ، فمثل هذا لا يكون بحاجة إلى دليل وإنما إلى علاج مرض قلبه ، كما قال تعالى في حق فرعون وملائه " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً " .
ثالثاً : أما بخصوص سؤالك كيف أقنع شخصاً أن تعاطي الحشيش حرام ، فأين الشبهة في هذه القضية أصلاً حتى يحتاج هذا الشخص إلى اقتناع ؟!
فإذا كان العقل والفطرة والشرع النقل والحس والتجربة كلها مجمعة على ضرر الحشيش ومفاسدها الجمة وأن لا منفعة حقيقية فيها ، حتى أجمعت الدول اليوم على تجريم تعاطيها وتجارتها وبيعها وشرائها لما فيها من المفاسد على العقل والجسد والعرض والشرف والخلق والدين والمجتمع ، فمن أين سيأتي وجه الإباحة أو شبهتها ؟!
فمثل هذه الشخص لا يعدو أن يكون معانداً لا يريد دليلاً في الحقيقة وإنما شهوته تحمله على مثل هذا العناد ، فلا ينفع معه في الغالب إلا استيقاظ ضميره وصحوة قلبه أو عقوبة تردعه عن جريمته !
وإذا أردت تفصيلاً في مسألة تعاطي الحشيش وتحريمها من الناحية الشرعية فيمكن تلخيص ذلك في نقاط سريعة منها :
1. الإجماع وقع على حرمة كل مسكر مذهب للعقل للنصوص الشرعية الكثيرة في مسألة تحريم كل مسكر منها حديث " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " ، فهي محرمة لما فيها من إسكار وإذهاب للعقل وتأثير عليه أو تفتير للبدن .
2. الحشيشة أشد حرمة من الخمر - كما قال ابن تيمية رحمه الله - لأن تأثيرها أخطر بكثير فمتعاطيها يحصل له نوع إدمان عليها وحاجة إليها حتى يبلغ الحال ببعضهم أن يضحي بكل ماله وأهله بل وعرضه وأولاده في سبيل تعاطي حبة أو حشيشة !
3. الحشيشة فيها من الضرر على البدن والصحة والمجتمع ما لا حاجة إلى تفصيله في هذا المقام وهو لا يخفى على أحد ، ويكفي أنها تحول المجتمع إلى مجتمع سكارى فاشلين مخدرين تكثر بينهم الجرائم والسطو والاعتداءات ، والشريعة إنما جاءت بدفع الضرر ومنعه ، ولا تجد شريعة تسمح بمثل هذا الضرر فضلاً عن الشريعة الإسلامية .
4. الحشيشة تعد من الخبائث قطعاً لما لها من أضرار ومفاسد جسيمة كما أسلفنا ، والشريعة جاءت بتحريم كل خبيث وإباحة كل طيب ، قال تعالى " ويحل لهم الطبيات ويحرم عليهم الخبائث ".
والله أعلم