كيف أشعر باليقين بدعائي ليُستجاب؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الشريعة
.
٠٩ سبتمبر ٢٠٢١
قبل ٣ سنوات
المقصود بالشعور"باليقين" في الدعاء هو اطمئنان قلبك أن الله سيجيب دعاءك، فلا تدعوه دعاء مجرّب كما يجرّب البشر البشر، و إنما تدعوه دعاء العبد لسيّده الذي لا يعطيه سواه ولا يمنحه غيره، فلا يدفعك تأخّر العطاء أو الاستجابة إلى الضجر أو الانقطاع عن الدعاء أو قصد غيره أو سؤال سواه.


وهذا اليقين مصدره إيمانك أن الله -تعالى- هو الرب المدبر الذي بيده الأمر، مالك الملك يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وما يرسل من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده، والبشر في المقابل إنما هم أسباب يُقدِّر الله على أيديهم ما يشاء، فإذا أيقنت بذلك، ولم تقصد إلا الله تعالى، ولم تدعُ غيره، ولم ترجُ سواه؛ لأنه ليس لغير الله أن يعطي أو يمنع، فأبشِر.


ثم هذا اليقين له مصدر آخر بعد إيمانك أن المُلك بيد الله وحده، وهو إيمانك أن الله هو الغني الكريم الجواد، يعطي ويرزق من يشاء بغير حساب، ومما يدلّ على ذلك:

  •  ما جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام مسلم: (يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ).
  •  وفي الحديث الآخر الذي أخرجه البخاري قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لا يَغِيضُها نَفَقَةٌ، سَحّاءُ اللَّيْلَ والنَّهارَ، وقالَ: أرَأَيْتُمْ ما أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ، فإنَّه لَمْ يَغِضْ ما في يَدِهِ، وقالَ: عَرْشُهُ علَى الماءِ، وبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزانُ، يَخْفِضُ ويَرْفَعُ)

فإذا كان الملك لله وحده وهو كريم يعطي بغير حساب، فلماذا يدخل الشك قلبك؟!


ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا في الحديث: (ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها)، "وهو حديث أخرجه الألباني في صحيح الترغيب وقال عنه: حسن صحيح".


فهذا الوعد النبوي يزيدك يقيناً أن دعوتك إذا استوفت شروط الإجابة من حضور القلب، والرزق الحلال، وعدم الدعاء بما هو محرّم؛ فإن الله سيجيب دعوتك، ولكن هذه الإجابة لها ثلاثة أشكال كما ذكرنا، فقد لا تقع كما تظن بل كما يريد الله -تعالى- بحكمته وعلمه.


والله تعالى أعلم