لعلني من الأشخاص الفضوليين الذين يحبون البحث في المقتنيات القديمة لعائلتي و التنقل بين الصور، والذكريات المحفوظة في الصناديق الخشبية موجودة في مخزن البيت، وخلال إحدى الليالي عندما كنت اتصفح الصور و اتنقل بين المقتنيات الكلاسيكية ظهر بين هذه الفوضى صندوق خشبي مرسوم عليه بألوان صاخبة لكنها باهتة بعض الشيء بسبب تجمع الغبار و الأتربة عليها لعل هذا الصندوق منسي هنا منذ زمن، اخرجته من بين الفوضى و فتحته لأجد داخله عالم من الصور، و الاعلانات، و الاسطوانات الموسيقية القديمة المحفوظة في اغلفة عندما تراها تغوص في عالمها الذي ربما أصبح من ضرب النسيان.
الشيء الملفت في هذا الصندوق، و محتوياته هو الفن الذي يملئ طياته الالوان، و الصور المرسومة التي تأخذك برحلة ملونة الى القرن الماضي، لتتنقل بين نجوم البوب، و موسيقاهم، و صورهم على اغلفة الأسطوانات، و تتنقل بين صور مارلين مونرو المرسومة بألوان و اشكال مختلفة لكنها تحمل نفس الهوية، والمجلات التي تعكس الفن الشعبي آنذاك.
كل تلك التفاصيل كانت مصدر إلهام لي، و جعلتني أفكر ملياً، بحيث تردد في نفسي سؤال هل الفن له حدود؟
لعل الجواب كان يدور حولي، عندما نظرت بتمعن بين زوايا الغرفة، و حاولت قرأة اللوحات المنسية في المخزن التي كان أبي يحب اقتنائها في شبابه، و رؤية تصويرها للواقع و الطبيعة، و اختلافها عن هذا النوع من الفنون المتواجد بين يدي بالرغم من انهما يحملان نفس الهوية تحت مسمى الفن، عندها أدركت أن الفن يشبه البحر الواسع لا تدري من أين يمتلئ بعجائبه و كلما تعمقت فيه أكثر كلما تعرفت على عوالم جديدة لا تدري ما بداية تكوينها و متى نهايتها لكنك متأكد من أن سرمديتها هي السبب في تكوين وبناء عوالم جديدة تحمل نفس صفاتها الرئيسية و لكنها تظهر بصورة مختلفة.
من خلال هذا الموقف تأكدت بأن هذا الفن هو نقطة تحول في عالم الفنون و الرسم، فهو من وجهة نظري فن شعبي يعكس ثقافة المجتمع،و يترجم صوت الشارع، و الأفراد بطريقة تصل إلى قلوب الجماهير بصورة مبتكرة و أحياناً كوميديا، هذا الموقف ساعدني لرؤية الفن من منظور مختلف، من زاوية جعلتني اتأكد أن الفنون بمختلف أشكالها ممكن أن تخلق على يد الجميع و تشكل نقطة ارتكاز للتعبير عن الكون.
173 مشاهدة
