التحليل الّذي سأقدّمه ربّما لا يكون صحيحا بالكامل ولكنه يحمل وجهة نظر ربّما تساعد..
أرى أنّ طبيعة هذا الإنسان هي في محاولته لتجنيب مشاعره والتعامل بعقلانية مع ما يسمعه ويقوله كنوع من الأساليب الدفاعية الّتي تحمي هذا الشخص من تهكم مُحتمل أو شعور بعدم الفهم وإيجاد تبرير لنفسه, وهو احتكام إلى المعنى اللغوي بدلا من المعنى العرفي..
وعادة ما نكون هكذا جميعًا في تعاملاتنا مع أناس جدد, فنحن لا نعرف طبائعهم بعد ولا الذي يقصدونه من كلامهم ( ما وراء المحكي), وكذلك الحال حين يكون التعامل عن بُعد لأنه لا يوجد أشياء تغلّب ظنّنا عن الذي يعنيه من يتحدث معنا, فلو كان أمامانا لكانت نبرة الصوت, وحركة اليدين, ولغة العينين جميعها أمور مُساعدة ومؤشرات إلى الذي يعنيه هذا الشخص من الكلام..
في الختام هذا ليس عيبًا, ويمكن أن يقل بمقدار قدرة هذا الشخص على الاندماج مع البيئات المتعددة والمختلفة حوله, فكلّ فئة يتعرّف لها يكسب الحِرزَ منها, وفي المثل الشعبي , من عرف لغة قوم أمِنَ مكرهم, وفي الحقيقة اللغة ليست فقط بالمعاني اللغوية وإنّما أيضًا بالعُرف, فنفس الكلمة بالعربية تحمل معانٍ مختلفة حسب المكان والسياق وغيرها, وكلّ جماعة لها لغتها الخاصة ولو بشكل ضئيل..
من الطريف مثلا استذكار مثالا على ذلك, أنّه في أحد الجامعات الأردنية كان يُطلق على الشباب الملتزمين مصطلح " جماعة المصلى" و وفي الحقيقة لو انقطع السيياق لأخر غريب وسألته عما يعنيه جماعة المصلى لربّما فُهِم أنهم الناس المسؤولين عن التنظيف والتجهيز, وكان المعنى السَخروي لدى من أطلق هذا اللقب أنّهم جماعة الاتجاه الإسلامي كتيار سياسي.
أرأيت كيف أنّ "اللغة" جميلة وتحتوي على الكثير من العجائب؟ :)