احتاج النبي عليه السلام وصحابته رضوان الله عليهم شهرا كاملا لإنهاء مهمة حفر الخندق الذي أشار به الصحابي الكريم سلمان الفارسي رضي الله عنه.
لتأمين المدينة من جهة الشمال كونها الجهة الوحيدة المكشوفة للمشركين.
حيث كانت باقي الجهات محاطة بالبساتين الكثيفة والجبال ؛ وقد كان حفر الخندق شيء جديد على العرب وكان معروف عند الفرس بالحرب.
وعند وصول المشركين للمدينة تفاجأوا بوجود الخندق وحاولوا اختراقه بشتى الطرق:
1- كانوا يدورون حول الخندق طوال الليل إلى الصباح.
2- حاول خالد بن الوليد أن يدخل منه إلا أنه تصدى له الصحابي أسيد بن حضير ومعه مئتين من الصحابة.
3- أرسلوا كتيبة إلى المكان الذي يقوم به النبي عليه السلام ليشغلوا المسلمين عن الخندق فانشغلوا بهم إلى الليل.
ومما يسعنا ذكره أن هذه الغزوة أيضا سميت بغزوة (الأحزاب)، لأن اليهود حرضوا بعضهم وقريش وشكلوا أحزاب ضد النبي عليه السلام وصحابته وكانوا:
1-المشركون من أهل مكة.
2-اليهود من خارج المدينة.
3-بنو قريظة
4-والمنافقون.
سبب الغزوة:
بعد إبعاد النبي عليه الصلاة والسلام يهود المدينة منها بعد نقضهم للعهود والمواثيق مع المسلمين سعى زعماء يهود بني النضير إلى تحريض قريش والقبائل المشركة على المسلمين.
عندما قرأت عن هذه الغزوة راودتني بعض الأفكار سأسردها هنا تباعا:
- مثلا فكرة الخندق كانت شيء جديدا على العرب
كيف أن النبي عليه السلام وافق عليها وأخذ بها واستشار أصحابه بها وشرعوا مباشرة بحفر الخندق ولم يرفضها فقط لأنها لم تكن مما اعتاد فعله عند العرب
ورد في كتب السيرة أن النبي جعل على كل عشرة من المسلمين حفر أربعين ذراعا.
وبما أنها كانت فكرة جديدة كان هناك العديد من العوائق مثلا: قصر المدة وبرودة الطقس وقلة المؤونة وصعوبة الأرض وعدم توفر آلات للحفر.
أن النبي عليه السلام لم يوكل المهمة لأصحابه وتركهم:
بل كان معهم يشد عزيمتهم ويثير حماسهم فكان إذا رأى ما بهم من تعب وجوع قال:" اللهم أن العيش عيش الآخرة؛ فاغفر للأنصار والمهاجرة "
وكانوا يجيبونه: نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا.
استطاع المسلمون السيطرة على الخندق والمدينة والصمود أمام المشركين:
حتى اشتدت عليهم الأزمة عندما استطاع الأحزاب من إقناع يهود بني قريظة داخل المدينة من نقض عهدهم مع المسلمين وأعلنوا الحرب بجانب الأحزاب، هنا أصبح وضع المسلمين حرجاً.
وكانت هناك مشاورات بين الرسول عليه السلام وصحابته للوصول للحل
- كان هناك خيار أن يستشر النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ليعطي غطفان ثمار المدينة على أن يرجعوا فمنعه من ذلك سعد ومعاذ رضوان الله عليهم وقالوا:
- "كنا نحن وهم على الشرك لا يطمعون منا في شيء من ذلك فكيف نفعله بعد أن أكرمنا الله عز وجل بالإسلام وأعزنا بك نعطيهم أموالنا مالنا بهذا من حاجة ولا نعطيهم إلا السيف"
- فقال صلى الله عليه وسم: (فنعم إذا).
مما زاد ذلك على المسلمين مظاهرة المنافقين للأحزاب:
ومحاولة إشاعة الخوف بين المؤمنين والسخرية منهم وقد ذكر الله تعالى هذا في كتابه العزيز:
" إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا "
وقد نصر الله المسلمين في هذه الغزوة بأقل لخسائر:
ورد الله عنهم هذه القوة بأن أفسد الله بين الأحزاب واليهود
حيث استطاع نعيم بن مسعود _رضي الله عنه _ الذي أسلم ولم يعلن إسلامه عند المشركين واليهود وكان له علاقة حسنة بالطرفين من زرع الشك بينهم.
حتى حدث بينهم خلاف وشك كل منهم بالآخر وبعث عليهم ريحا أتت على خيامهم وقبابهم فقلعتها من مكانها ودّب الرعب في قلوبهم ورجعوا عن حصارهم خائبين منهزمين وكفى الله المؤمنين القتال.