توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها وعمر النبي صلى الله عليه وسلم خمسين عاما؛ حيث تزوجها عليه السلام وعمره خمس وعشرون عاما وتوفيت بعد بعثته عليه السلام بعشر سنوات وبعث عليه السلام وعمره أربعون عاما.
وكان لوفاتها وقع كبير على النبي صلى الله عليه وسلم للحد الذي سمي به العام الذي توفت به " بعام الحزن" لأنها كانت أول من آمن به وصدقه وهو العام أيضا الذي توفي به عمه أبو طالب.
ومن يقرأ في سيرة هذه الصحابية الجليلة رضي الله عنها يعلم لماذا حاز فقدانها هذا الأثر عند النبي الكريم؛ لم تكن فقط امرأة صالحة بل كانت أيضا الداعم الأول لنبي صلى الله عليه وسلم؛ قبل الإسلام وبعده حيث عمل معها في تجارتها قبل الإسلام وتزوجته لما رأت منه من صدق وأمانة وعندما جاء الوحي لنبي الكريم كانت أول من أمّنته وأول من صدقه وكانت مكانه الأول الذي اطمئن به؛ حيث قالت كلماتها المشهورة عندما جاءها فزعا عدما رأى الوحي أول مرة:" كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". ولم يقف تثبيتها لنبي صلى الله عليه وسلم عند هذه الكلمات بل عاشت معه ما عاش عليه السلام من صراع مع أهل مكة وتهون عليه وتواسيه بمالها ونفسها وتصبر معه على ما قاسى وتعب في سبيل هذه الدعوة والرسالة للحد الذي تحملت معه حصار أهل قريش في الشعب ورأت أطفالها وهم جياع حتى أكلوا أوراق الشجر من شدة الجوع وصبرت معه حتى انتهى هذا الحصار.
عاشت مع النبي الكريم 25 سنة كانت له نعم الزوجة الصالحة والسند الذي لم يضعف أبدا والعقل الحكيم الأمين له ولم تذكر مصادر السيرة النبوية أي رواية تفيد أن هذه السيدة العظيمة قد أغضبت النبي الكريم أو هجرها بل لم تنقل السيرة النبوية إلا عظيم مواقفها ودعمها ومنزلتها عند النبي الكريم وعند الله تعالى.
فقد قال صلى الله عليه وسلم:"أفضل نساء الجنة: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران". وسبب أنها أفضل نساء الجنة لمواقفها العظيمة تجاه النبي الكريم والرسالة التي كان يدعو لها، وكان الني صلى الله عليه وسلم دائم الوفاء لها ولم يتزوج أبدا غيرها في حياتها وبقي وفيا لها بعد مماتها حيث كان يكرم كل أحد له صلة بالسيدة خديجة رضي الله عنها كان من كان أصدقاؤها وغيرهم علم أن لهم صلة فيها وكان دائم الحديث عنها وقال في حقها:" والله ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها؛ فقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الولد دون غيرها من النساء".
ومما نقلته السرة من شدة حب النبي صلى الله عليه وسلم لها قول السيدة عائشة رضي الله عنها:" ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما بي أن أكون أدركتها وما ذلك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وإن كان ليذبح الشاة فيتتبع بها صدايق خديجة فيهديها لهن "وقالت أيضا رضي الله عنها أغضبته يوما فقلت: خديجة فقال عليه السلام:" إني رزقت حبها".
وقبل وفاتها بشرها جبريل عليه السلام بالجنة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رسول الله هذه خديجة قد أتت؛ معها إناء فيه إدام؛ أو طعام أو شراب؛ فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب".
رضي الله عنها ورضي عن جميع أمهات المؤمنين وصلاة الله وسلامه على النبي الأمين.