أريد أن أوضح موضوعا هاما، وهو أن هناك نوعية من النرجسيين، يصعب التعرف عليهم، يلقب هذا النوع من الناس بـ "النرجسي الخفي"، ليس من السهل اكتشافه من بين الناس، فالنرجسيين من حيث صفاتهم الظاهرية ومن حيث قدرتهم على إيذاء الآخرين يتفاوتون في الدرجات، أي أن النرجسيين انواع، منهم النرجسي السايكوباثي، والنرجسي الاستعراضي، والنرجسي السام، والنرجسي المغري أو المغوي، والنرجسي المتسلط الذي يقوم بالتقليل من الناس حوله، وأخيرا، النرجسي الخفي.
النرجسي الخفي يشبه في صفاته النرجسي الظاهر، يحب نفسه، أناني، مغرور، غير متعاطف، ولكنه أقل ظهورا، تجده منطويا ومنعزلا، يتجنب المواقف الاجتماعية، عنده مشاكل في تقدير الذات، وقلة ثقة بالنفس، ويعتبر أن الظروف حوله ضده، دائما ما يشعر بالملل والقرف لشعوره بأنه أفضل من الناس، ويرى أنه يستحق أفضل من الوضع والواقع الذي يعيشه، كاعتقاده بأنه يستحق زوجة أفضل، أو أن يعيش في مكان أفضل، ولكن الظروف هي التي حكمت عليه بأن يعيش الحياة كما هي غصبا عنه.
يمتلك النرجسي الخفي شعورا وإحساسا بالتفوق على الغير، فرغم انطوائه، إلا أنه يميل إلى إصدار الأحكام، لا يدلي برأيه بطريقة النقاش وتقبل الرأي الآخر، إنما هو ينقد، وايماءات وتعبيرات وجهه تخبرك بأنه لا يود التواصل معك بشكل ايجابي. يفتقد التواصل البصري معك، فهو يتحدث معك ولا ينظر اليك، حديثه مليء بالإهانات وكلامه متشتت، و عندما تحدثه ، يشعرك بأنه مضطر لسماعك.
ينغمس على ذاته جدا، وكل ما يشغل باله هو نفسه واهتماماته واحتياجاته، لا يفكر في أن يستمع او ان ينصت لك، ولو أنصت لك فهو سيقلل من قيمة كلامك، وسيقاطعك، وسيحاول أن يثبت لك ان كلامك لا قيمة له، ويركز فقط على فكرته هو وعلى نظرته فقط.
يتجنب النرجسي الخفي اشكال المناسبات والمواقف الاجتماعية، لأنها قد تعريه وتكشف حقيقته، وتوتره و تظهر عيوبه، لذلك هو يحب البقاء في الأماكن التي يشعر فيها بأنه أفضل، فهو يختلف عن النرجسي الاستعراضي الذي يحب أن يكون كاسبا للاهتمام من الناس، أي أن النرجسي الخفي لا يحب أن يظهر في الأماكن التي قد تتسبب في مقارنته مع غيره.
النرجسي الخفي شخص يتحسس بشكل مبالغ فيه تجاه النقد، فلو علقت على سلوكه أو شكله فسيعتبرها إهانة، وقد يرد عليك بطريقة عدوانية و فظة، وهم شخص يستصعب التأقلم في بيئات العمل التي فيها علاقات اجتماعية، لأنه يستصعب أمر التواصل، لذلك تجد يطور آلية دفاعية حتى يبتعد عن الناس، لذلك يناسبه العمل منفردا، كمؤلف او رسام او مبرمج، بعيدا عن أجواء التواصل والاجتماعات والرسائل مع الزملاء وبعيدا عن التجمعات.
هو شخص يعاني بصورة متواصلة من القلق والاكتئاب، وفي بعض الأحيان يصاب باضطراب الشخصية الحدية، فتراه متقلب المزاج، مضطرب وغير مرتاح.