انتشرت القرى الزراعية في عصر ما قبل الميلاد (العصر الحجري) منذ أكثر من 9000 عام، وكانت تتواجد بكثرة في مناطق الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق)، والهند، ومصر، ونشأت القرى الزراعية لعدّة أسباب، أهمها:
- ممارسة الزراعة في الأراضي الخصبة هي أكبر الأسباب التي ساهمت في نشوء القرى الزراعية، كان المُزارع يستقر في منطقة قريبة من مزرعته حتى يتمكّن من العناية بها، ويحصد المحاصيل؛ لتوفير الغذاء لنفسه والحيوانات التي يربيها، وللتجارة أيضًا.
- توفير الأمن والحماية، والعيش في مجتمع متعاون.
- زيادة الشعور بالمسؤولية لدى الفرد تجاه أرضه والمحافظة عليها.
وتعتبر القرى الزراعية بأنّها تجمعات صغيرة من القُرى الثابتة، من أقدم مظاهر الاستقرار البشري، ويُمارس سكّانها الزراعة، وتربية الحيوانات.
ويوجد مجموعة من القُرى الزراعية القديمة التي لا تزال موجودة حتى الآن مثل أريحا القديمة (تل السلطان) في فلسطين، وقرية جرمو في العراق، وكانت القرى الزراعية قديمًا تتميز في وجود مساكن دائرية أو مربعة صغيرة مبنيّة يدويًا من الطين والطوب (كان يُجفف بأشعة الشمس)، وبها دعامات من الخشب، وجدران وأرضيات مغطاة بالطين الأبيض.
بداخلها يوجد مخازن للحبوب والغذاء، وبجانبها توجد المساحات الزراعية، ومساحات تربية الحيوانات مثل الدواجن والمواشي، وكانت المنازل قريبة من بعضها ويفصل بينها طُرق وممرات ضيقة.
في الوقت الحالي أصبحت آثار هذه القرى محطة جذب سياحية؛ بحيث يزورها الناس من مختلف أنحاء العالم للتعرّف على حضارات فلسطين القديمة.
لطالما كان للقُرى الزراعية دورًا كبيرًا في المُجتمع، وكانت حجرًا أساسيًا في بنائه، وكأي شيءٍ آخر مع الوقت تطوّرت وحدث بها بعض التغييرات، مثل:
- أصبحت بيوت القُرى الزراعية تُبنى من الطوب والاسمنت.
- تم توسيع طُرقاتها، وتعبيدها؛ لتسهيل الحركة على سكانها وزائريها.
- توسّعت أعمال سكّانها وأصبحت تشمل التجارة، والحرف اليدوية، وصناعة الغزل والنسيج، والبناء، بالإضافة للزراعة.
- زيادة المساحات البنائية على حساب الأراضي الزراعية.
- توفر الخدمات بها بشكل أفضل مثل الماء، والكهرباء، والاتصالات، ومراكز العناية الصحية، ومرافق التعليم.
- أصبح لكل قرية مجلس قروّي (مثل المجلس البلدي) يقوم بتقديم الخدمات لسكّانها.
ويمتاز أهل القرى بمحافظتهم على التراث الشعبي، والعادات والتقاليد المتوارثة.
القرية الزراعية بشكل عام هي تجمع سكّاني صغير (عدد سكانها أقل من عدد سكان المدينة)، ويوجد علاقات وثيقة بين القرى المختلفة، وتختلف القرى عن بعضها في طبيعتها الجغرافية؛ بالاعتماد على موقعها الجغرافي، وتنقسم لثلاثة أنواع رئيسية:
- قرى جبلية: وتكون في الجبال؛ بحيث وفرّت الجبال الحماية الكاملة لسكانها من أي اعتداء.
- قرى سهلية: وتكون بجانب السهول، وتمتاز بخصوبة تربتها، وسهولة الوصول لها.
- قرى نهرية: التي تنشأ بجانب مصدر للمياه العذبة مثل الأنهار وعيون المياه، وتمتاز بتوافر الماء للشرب والزراعة بشكل كبير.
القُرى الفلسطينية
تشتهر فلسطين دونًا عن البلدان الأخرى بكثرة القرى بداخلها، كان الإنسان الفلسطيني في أريحا هو أول من بدأ في بناء البيوت والاستقرار في فلسطين، وأظهرت بعض الدراسات والأبحاث أنّهم قاموا بنقل الماء من البلدان البعيدة إلى قراهم لغايات سد حاجاتهم من الشرب، والزراعة، وغيرها.
كما كشفوا عن وجود سور يحيط بها، وخندق كبير محفور خارج السور، وإن كان لذلك أن يدل على شيء فهو يدُل على التركيبة المُجتمعية المتعاونة في تنفيذ المشاريع في ذلك الوقت، وعلى اهتمامهم بأعمال الري.
كما كشفت الحفريات في تل الجزر (يقع في طريق يافا - القدس القديمة) أنّ سكان القرية قديمًا قاموا بزراعة الحبوب، وأشجار الزيتون، والفواكه، والخضراوات، وأنهم أحاطوا قريتهم في سور كبير لحمايتهم من العدوان الخارجي.
في عام النكبة 1948 قامت قوات الاحتلال الصهيوني بتدمير أكثر من 500 قرية فلسطينية، لإقامة المستوطنات، وقاموا بتهجير سكّانها للمدن الفلسطينية الأخرى، والدول المجاورة، والدول الأجنبية، ومن القرى التي تم تهجير سكّانها:
عين كارم، ولفتا، والعباسية، ودير ياسين، وصرفند.
نسأل الله أن يحلّ السلام بها، وأن يبقى أهلها في سلامٍ وأمان.
28 مشاهدة
