من تجربتي الشخصية فإن المنعطف الذي مررت به يمكن القول إنه منعطف إيجابي، وهو المنعطف الذي كان في المرحلة ما بين البحث عن العمل والتدريب والعمل الفعلي، فبعد المرحلة الجامعية ونتيجة وجود شغف قوي ودافع للعمل لا يتسق مع الواقع أصبت ببعض السلبية وفقدان القدرة على التأمل والأمل، إلى أن وصلت إلى عمر ثلاثة وعشرين عامًا أي قبل 7 سنوات من الآن.
وكنت في هذه المرحلة بدأت أرى صعوبة الحياة وكنت غير قادرة على فهم نفسي وذاتي وفهم الحياة بشكل حقيقي، وشاءت الأقدار أن أكون أحد رواد مركز سرت للبناء المعرفي بإدارة الأستاذ صادق خواجة، وهنا كانت نقطة التحول في كل جوانب الشخصية بالنسبة لي، وأبين هذا فيما يلي:
الأثر على الجانب الفكري
يمكن القول إن الأثر المترتب على هذا الجانب كان من أكبر الآثار الملاحظة لدي، لقد اختلفت بمقدار 180 درجة، ويمكن القول إنني تحولت إلى شخص جديد مختلف تمامًا عما كنت أعرف، ونتيجة خوض تدريب فكري معين من قبل الأستاذ خواجة، تغيرت لدي طرق التفكير وأصبحت أكثر قدرة على فهم أهم مصطلحين في الحياة وهما:
- اتخاذ القرارات.
- تحمل المسؤولية.
هذان المفهومان كانا أساس تغيير طريقة الحياة بأكملها.
فمنهما توصلت إلى ما يلي:
- تحديد ما لدي من مبادئ وقيم وتوجهات.
- تطوير القدرة على فهم وجهات النظر الأخرى.
- التخلص من التحيز والعنصرية الفكرية.
- تطوير المرونه وتقبل الاختلاف.
- التوصل إلى المسؤولية الشخصية الحقيقية في أمور الحياة.
- فهم أن لكل شخص الإرادة والقوة في تحمل مسؤوليته.
- فهم طبيعة الحياة القائمة على الاختيار الشخصي، فنحن نقرر غالبًا مصيرنا فيما عدا الموت والمرض.
من ناحية أخرى، تطورت لدي مهارات القراءة والاستماع والملاحظة بدرجات كبيرة، وأصبح لدي أُسس بنية معرفية جديدة في مختلف المجالات وإن كان هذا بقدر بسيط، ما زاد من شغفي في المعرفة والبحث والتطور.
يمكن القول إن هذا الأمر كان له أثر على الجانب النفسي بطريقة ضمنية من خلال:
- زيادة الشعور بالثقة بالنفس.
- تطوير النظرة الإيجابية للنفس والحياة، والتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين أو على النفس وإعطاء كل أمر قدره الحقيقي.
- زيادة الرغبة في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين من خلال العمل التطوعي.
يمكن القول إن هذه المرحلة التدريبية في المركز كانت سببًا في وضع بعض الأهداف الخاصة ذات الأثر العام على المجتمع، فهي خاصة من حيث تحقيق الشعور بالرضا النفسي والكفاءة والقدرة، وعامة من حيث أثرها على المحيط.
وفعليًا بدأت بتقديم بعض الخدمات الخاصة لبعض أبناء الحي، ضمن مجال التعليم والتدخل المبكر لدى بعض الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم، لأرى الأثر النفسي الإيجابي يكبر يوم تلو الآخر، ومن هنا رأيت تطور الجانب الانفعالي العاطفي لدي.
من خلال هذه الممارسات أصبحت أكثر قدرة على التفاعل العاطفي الاجتماعي، هذا الأمر كان مهمًا بالنسبة لي، إذ أصبحت أكثر قدرة على التحكم بذاتي وعواطفي ومشاعري السلبية خاصة، ومن ناحية أخرى قادرة على تقديم الدعم النفسي والمعنوي حين الحاجة دون قيود أو حدود.
هذا المنعطف بما تضمنه من عمليات تتطلب جهدًا فكريًا ونفسيًا وشخصيًا، ووقتًا طويلًا جدًا، يمكن القول إن نتائجه الحقيقية أحصدها اليوم بعد 7 سنوات.