من أكثر الشخصيات التي قابلتها في عملي الإعلامي تأثيراً بي شخصياً هو الفنان المصري أحمد جمال الذي كان مشتركاً في الموسم الثاني من برنامج المواهب عرب أيدول...
بدأت القصة عندما كنا نود مقابلة الفنان الفلسطيني محمد عساف في راديو هلا عندما كنت أعمل فيه، وقد واجهنا صعوبة في التواصل معه، فاتصلت بالفنان أحمد جمال لآخذ موعداً لمقابلته بعد أسبوع، ومن ثم طلبت منه بخجل رقم هاتف عساف لمقابلته هذا الأسبوع، فما كان منه إلا أن أوصلنا به بكل لطف وسرور مع أنه كان منافسه في البرنامج، وقد اعتدنا على مواجهة بعض الصعوبات والتحسس من قبل بعض المشاهير إن طلبنا من أحدهم إيصالنا بآخر؛ فكثير منهم يعتبر أن هذا عمل غير مهني وفيه تصغير من شخصية المشاهير إن اتصلت بشخص وطلبت منه إيصالك بشخص منافس له!
ولكن ما حصل بعد ذلك كان مفاجئاً أكثر... فقد أرسل لي الفنان أحمد جمال بعد يوم رسالة ليطمئن مني على مجريات الأمور وإن كنت قد نجحت بأخذ موعد مع عساف أم أنني ما زلت أحتاج للمساعدة، وشجعني على مقابلته ودعمه وخاصة في هذه الظروف التي يمر بها بسبب الاعتداء على غزة آنذاك.
بالتأكيد أنني في البداية استغربت، ولكنني اكتشفت فيما بعد أنه يفعل هذا لأنه إنسان خلوق واعتاد على مساعدة الناس وحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه، فالكل يشهد له بالأخلاق والمهنية.
واليوم أنا أفتخر بصداقة هذا الفنان الخلوق وأطمئن عليه وهو كذلك بين الحين والآخر، وأطلب مساعدته عندما أحتاج، وكذلك أساعده بقدر ما أستطيع بنشر أخباره وأعماله لأنه فنان صاحب رسالة ويستحق الوصول.
كما أنني قابلت الإعلامية الأردنية المقيمة في الخليج علا الفارس، وعملت معها لمدة عامٍ تقريباً في راديو هلا، ولمست مهنيتها وصدقها في التعامل وكذلك عفويتها التي قد يساء فهمها من قبل الكثيرين، فهي إنسانة طبيعية وطيبة للغاية وبعيدة كل البعد عن التكلف والتكبر، فمواقفها تشهد لها هذا؛ فكانت ترفض أن تختصر المكالمة إن كان المتصل مسترسلاً في كلامه ومشاركته في موضوع الحلقة وخصوصاً إن أحست أن الموضوع يمسه شخصياً وأنه يفضفض، كما شهدت مواقف لها دعمت فيها الكثيرين للوصول للنجاح وتحقيق أهدافهم من خلال برنامجها، وأحياناً كانت تساعد المتصلين وتستمع لهم ولشكواهم بعد البرنامج وتساعدهم بشكل شخصي. فهذا العام الذي عملت به معها قد غيرت نظرتي لها، حيث أنني لم أكن أحبها من قبل، وكنت أظن أنها متكبرة.
أما آخر شخصية معروفة قابلتها وأثرت بي هي الطفلة زينة صاحبة مبادرة "يلا نملي الأردن ورود"، وهي طفلة تبلغ من العمر حوالي 10 سنوات - عندما قابلتها كان عمرها 7 سنوات- مصابة بشلل دماغي سبب لها عدم القدرة على المشي، فبالرغم من صغر سنها ومن الآلام الجسدية والنفسية التي تتعرض لها كل يوم، إلا أنها طفلة متفائلة وصبورة وتحب الخير للجميع، فقد تلخصت فكرتها ببيع شتلات الورد لتجميع ثمن العملية الجراحية التي تحتاجها ولتساهم في زراعة الورود الجميلة في كل مكان في الأردن. قابلناها في مزاج إف إم في برنامج كافيين، عندما أتت برفقة والدتها التي شاركتها الحديث عن المبادرة، ومن ثم أتى والدها ليوصل لنا شتلات الورود التي ملأت الإذاعة بالطاقة والحب والفرح. وبعد حوالي عام قمنا في الإذاعة بعمل مبادرة لزراعة أراضي المزارعين غير القادرين على زراعتها فشاركتنا زينة الزراعة، وكانت تنقل شتلات الأشجار وتزرعها بكل حب والابتسامة تجمل وجهها البريء الذي لم يستطع أن يخفي آثار التعب والحر وخصوصاً على طفلة صغيرة تعاني كثيراً أثناء المشي.
زينة وأمثالها من الأطفال الذين يتحملون الألم ولكنهم يستقبلونه بابتسامة يجعلوننا نشعر بالخجل من أنفسنا عندما نيأس أو نحزن... فزينة لا تعلم حتى هذه اللحظة أنها علمتني أن بإمكان الأرواح الصغيرة أن تؤثر في العالم وأن شتلة الورد التي أهدتها لي منذ سنتين والتي ما زلت أحتفظ بها وأرعاها على الشرفة زرعت في قلبي الأمل والحب، وبالتأكيد أنها فعلت هذا مع الكثيرين.
فمن يعمل في الإعلام محظوظ لمقابلة الكثير من الشخصيات المؤثرة والتي قد تغير حياته إلى الأبد، بينما تظهر للجمهور بأنها مقابلة عابرة عادية!