برأيي الشخصي وهو الرأي الذي يبينه الشرع الإسلامي والذي أعتبره أخلاقيّاً، كون الشريعة الإسلامية متممة للأخلاق والآداب وتتوافق مع العلم والمنطق والحق والحقيقة، أن التهجين يختلف الحكم عليه باختلاف نوعه، فهناك التَّهجين الطبيعي الجائز العمل به، وهناك التّهجين الاصطناعي الذي تقع فيه الحُرمة وتظهر فيه اللاأخلاقية في التعامل مع العلم وتطوره بتقنية تفيد المجتمع كاملاً وتحميه.
فالتهجين الاصطناعي والذي يدور حوله الكلام ويختلف الناس بآرائهم حوله، تُحرِّمه الشريعة الإسلامية إن كان تهجيناً اصطناعيّاً غير مباشر، أمَّا إن كان تهجيناً اصطناعيّاً مباشراً فلا حُرمة في ذلك أبدا.
- سبب تحريم التهجين الاصطناعي غير المباشر سبب تحريم الشريعة الإسلامية للتهجين الاصطناعي غير المباشر هو أنَّ في أحد خطوات القيام به يتم التلاعب في التركيب الجيني والتسلسل الوراثي لخلق الله عزَّ وجل، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إنتاج كائنات حية حيوانية ما أحدث الله بها من إيجادٍ أبداً، كأن يولد قط بجلد تمساح، أو أن يولد أسد برأس قرد، أو أن يولد كلبٌ ذكر لكنه يملك أعضاء أنثوية قادرة على الإنجاب، وغير ذلك من الخيال الواسع في تغيير خلق الله.
ويتم ذلك بإحضار حيوانات منوية من ذكر حيوان من نوع ما أو من نفس الفصيلة، وتلقيحها لأنثى من فصيلة أخرى أو من نوع آخر، وذلك بعد إجراء التعديلات عليها لكي تتقبلها الأنثى وينمو بداخلها جنين يحمل صفات وشكل جديدين، قد يكون ضار للمجتمع والبيئة وقد يكون غير ذلك.
ولا يُمكن الجزم بأن هدف من يقوم بذلك من العلماء أن يُنتَج معهم ذلك الإنتاج الغريب في الخلق والتشكيل، إلّا أنّ بسبب دقَّة خلق الله الموجودة في الحيوانات من الصعب الإحكام في نتائج التلاعب فيها، الأمر الذي يجعل من العلم والعلماء مهما تطور ومهما فعل أن لا يكونوا على علم بنتائج ما يفعلوا من تجارب عجيبة وتلاعب في تسلسل وراثي وجيني، حتى ولو نجح ما يقوموا به إلّا أنّه لا أحد يعلم ما إن كان ذلك التلاعب في التسلسل الوراثي ذو منفعة على المجتمع مع الأيام والمستقبل.
- الدليل على حُرمة ولا أخلاقية التهجين الاصطناعي غير المباشر يقول الله تعالى في الآية رقم 119 من سورة النساء: (
لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119).
وفي الآية دليل على أن من يتخذ غير الله إلها آخر غير الله تعالى فإن الشيطان سيضلّه وسيزيغَهُ عن طاعة الله وتوحيده، إضافة لقطعه آذان الأنعام تقديماُ وتقربّاً بها من آلهتهم، وتغييرهم لخلق الله الذي خلق الله عليه الكائنات، وهو الأمر الذي يُقاس على هذا الشيء الحاصل في التهجين الاصطناعي المباشر.
- سبب جواز العمل وأخلاقية التهجين الاصطناعي المباشر والتهجين الطبيعي إن آلية عمل التهجين الطبيعي والتهجين الاصطناعي المباشر لا تقضي أبدا إلى حُرمتهما، فالتهجين الطبيعي يحدث من تزاوج كائنين حيين (ذكر وأنثى) من فصيلة واحدة من الحيوانات عندما يتم جمعهما مع بعضهما البعض، فيحدث التزاوج بطريقة طبيعية عن طريق الجنس عندما تحدث الشهوة بين الكائنين، لكنهما يختلفان في الصفات بسبب الأجواء البيئية ونوع التربية المحيطة فيها، وذلك بسبب اختلاف وتنوع قدرات وصفات الحيوانات من الصنف الواحد بين بعضها البعض.
من أجل ذلك يحدث التهجين بين سلالة قوية وجيدة وبين سلالة تملك صفات ضعيفة، أو لإنتاج حيوانات أكثر قوّة وتحمل صفات أكثر من أبويها، ليولد المولود الجديد دون أي مِساس بالتسلسل الجيني أو الوراثي لأي كان من الأبوين أو الجنين في بطن الأنثى.
فمثلاً يتم إجراء التهجين الطبيعي بطريقة التزاوج الطبيعية عندما يتم جمع أنثى الفرس مع ذكر الحِمار لإنتاج حيوان جديد، يجمع بين قوة الفرس وتحمُّل الحِمار وعنده سرعة عالية ويقاوم بشكل أكثر الأمراض، وذاك الحيوان يسمّى بالبغل.
أمّا التهجين الاصطناعي المباشر فيحدث بطريقة تزاوج اصطناعية، وذلك من خلال أخذ الحيوانات المنوية بطريقة آمنة غير مؤذية من ذكر الحيوان وتلقيح أنثى سلالة أخرى من نفس الفصيلة بتلك الحيوانات المنوية المأخوذة، وذلك بعد عدة خطوات يتم إجراؤها قبل تلقيح الأنثى من أجل ضمان نجاح العملية، حيث ينمو الجنين ويكبر في بطن الأم حاملاً صفات الأب الذي أُخذَت منه الحيوانات المنوية مضافاً إليها صفات أمه التي تلقحت بالحيوانات المنوية تلك.
والهدف من العملية هو سهولة الحصول على سلالات جديدة من نفس الفصيلة دون الحاجة إلى جمع الكائنين (الذكر والأنثى) مع بعضهما في نفس المكان لإجراء تزاوج بطريقة الجنس، أي سهولة الحصول على سلالات جديدة مع توفير للوقت والمال والجهد.
- ملاحظة مهمة رُغمَ أنّ الكائنات المهجّنة الناتجة من
التهجين الطبيعي و
التهجين الاصطناعي المباشر هي كائنات ذات صفات أكثر وأفضل، إلا أّنّها أيضاً تكون تحمل صفات جديدة حلَّت محلَّ صفات أصلية قديمة، فمثلاً
ذكر البغل الناتج من تزاوج أنثى الفرس مع ذكر الحمار لا يكون خصباً ولا يستطيع الإنجاب وإنتاج سلالات جديدة من نفسه بطريقة تزاوج طبيعية.
وللتعرف على خطوات القيام بالتهجين الطبيعي والتهجين الاصطناعي المباشر والتهجين الاصطناعي غير المباشر بإمكانك زيارة السؤال التالي وقراءة الجواب، والمتعلق بآلية تهجين حيوانات فصيلة السنوريّات، وهي الآلية الحاصلة في كافة الحيوانات من نوع الثدييات، والسؤال هو:ما هي الآلية التي يحدث بها تهجين السنوريّات؟